وعلى بعض المشارب الاخر * (وإذا لقوا الذين) * من جنود الحق الباطنية والظاهرية * (قالوا) * بلسان ذاتهم: * (آمنا) *، ويكون إيماننا واردا في قلوبنا، وراسخا في نفوسنا، * (وإذا خلوا إلى شياطينهم) * المعلمين لهم، والمرشدين إياهم إلى الفساد والباطل، وقواهم الوهمية الشيطانية، والأفكار الخيالية الظلمانية، * (قالوا إنا معكم) * وإنا غير منسلكين في سلك العقول النورانية، و * (إنما نحن مستهزئون) *، فتكون الآية، كما هي ناظرة إلى القضايا الخارجية الاتفاقية بين الأشخاص والأبدان الحقة والباطلة، كأنما هي تشير إلى حالات النفوس والمباحثات والمقاولة الواقعة بين القوى الهادية والقوى المضلة، والنفس الإنسانية هي المنافق الواقعة بين تلك القوى، فنعوذ بالله من شرها الرجيم.
وعلى مسلك الخبير ومشرب البصير إن الآيات الإلهية تتحمل المعاني الكلية والجزئية على اختلاف مراتبها.
وفي وجه إبداعي أشرنا إليه: أن جميع المعاني الحاصلة في النفوس المتعلمة هي العلوم الفعلية للحق الأول، وهي القابلة لانطباق الكتاب الإلهي عليه، لأنه العلم النازل، فلا تزل ولا تشقى.