إلى أن يصير خبره تعالى كاذبا، فإنهم لأجل ذلك كانوا يؤمنون، وإذا آمنوا فربما يبقون في إيمانهم، لأن نوره يجرهم ويبقيهم، وهذا نهاية اللطف والرأفة بحق العباد الكافرين، فالآية خبرية صورة وترغيب وإغراء واقعا وجدا.
إفاضة: حول الأمر بين الأمرين من الممكن أن تكون الآية هكذا: إن الذين كفروا سواء أنذرتهم يا محمد أم لم تنذرهم لا يؤمنون لأجل انذارك، وأما أنهم لا يؤمنون مطلقا فلا يستفاد من الكتاب، فيسقط الاستدلال.
ومن إسناد الفعل إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن إسناد الكفر إليهم - خذلهم الله تعالى - يثبت الاختيار، وينتقض قول المجبرة والقدرية، ومن إثبات التسوية بين الإنذار واللا إنذار يستشم قول المعتزلة والمفوضة.
ومن انضمام قوله تعالى: * (إنك لا تهدي من أحببت) * (1) إلى هذه الآية، يستظهر أن إنذاره (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدم إنذاره متساوي النسبة إلى الكفار وغير الكفار، فالذين كفروا لا يؤمنون بإنذارك والذين آمنوا أيضا لا يؤمنون بإنذارك، ومقتضى الجمع بين هذه المقتضيات المختلفة والآثار المتشتتة، ثبوت الحد الوسط والقول العدل، وهي مقالة الإمامية، وعليها بعض أبناء التحقيق من العامة، وهي الأمر بين الأمرين، وهو أن العلل المتوسطة في النظام الإلهي علل إعداد، والعلة المفيضة هي