السابق واللاحق، ضرورة أن قوله تعالى: * (ومن الناس من يقول) * يصدق على الذي في زمرة المنافقين بعد عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعصر النزول، فعليه يصح أن يقال: إنهم ليسوا بمؤمنين بحساب الزمان المقارن لزمان النفي.
ولعل سر الإتيان بالجملة الاسمية، والعدول عن مقتضى الصدر وتناسب الرد: هو الإيماء إلى أن الآية ليست ناظرة إلى الجماعة الخاصة من المنافقين، ولا تكون القضية خارجية، بل هي حقيقية حسب سائر القضايا المتعارفة في الكتاب والسنة، وأيضا إيماء إلى أن الإيمان منفي عنهم فطرة وذاتا، من غير التقيد بالزمان ماضيا أو حالا أو مستقبلا، وفي الاسمية أيضا تأكيد للنفي، كما لا يخفى.
المبحث الثامن حول ظهور الآية في غير المنافقين لأحد أن يقول: إن هذه الآية - مع قطع النظر عن الآيات اللاحقة - ليست ناظرة إلى حال المنافقين، بل المستظهر منها هي حال الذين يقولون ويظهرون الإيمان، ويشهدون بالشهادتين أو الشهادات، إلا أنه مجرد لقلقة اللسان وإظهار بالبيان، من غير عقد قلبي الذي هو من الأركان، ومن غير رسوخ في الأعيان والأذهان.
وبهذه الخصيصة ربما يشعر اختلاف سياق الآية صدرا وذيلا، حيث يقول: * (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الاخر) *، ويظهرون ذلك حسب