وعلى مسلك الخبير البصير الحاكم بما في الضمير إن جميع هذه المسالك والمشارب متخالفة حسب الحدود، ومتعانقة حسب المحدود، والكتاب الإلهي غير محدد، ولا السبيل إلى نيله مسدود، فعليك بالتأمل في هذه الطرق الشتى والسبل الكثيرة، حتى يحصل لك ما يتنور به القلب من القرآن، ويهتدي به الروح من الرحمن.
إن قلت: ربما يكون بين المحتملات والمسالك تناقض وتناف بحيث لا يعقل جمعها ولا طريق إلى لفها.
قلت: مما يخطر بالبال أن يقال: إن بعضا من القرآن صورة ظاهرة ونسج لطيف، انزل حتى يكون - لانسجام ألفاظه ولطف عبائره - معجزة خالدة، وليكون القارئ والناظر الفطن يلتقي به مقاصده ومرامه، فيكون ما يريده الإنسان - مثلا - حين الإلقاء والاقتباس هو معنى القرآن حقيقة، فهو لباس للحقائق حسب الأشخاص والظروف، فتأمل جيدا.