الدعوى المزبورة إشعار بأنهم عندهم غير مؤمنين، وهم كاذبون في دعواهم، فأجيبوا من قبلهم بما فيه أيضا خدعة وإبطان، فإن في الاستفهام الإنكاري إعادة دعواهم الأولى، وهي إيمانهم، وفي التشبيه على نعت التقييد - أو في تشبيه الجملة بالجملة - إرغام لأنف المسلمين بسبهم وهتكهم، فأخفوا بعد ذلك أيضا أمرهم، مقرونا بأن إيمان الناس لا يعتمد عليه، وهو من الإيمان المتزلزل غير المستقر.
النكتة الثامنة حول نسبة السفاهة إلى المسلمين ربما يخطر بالبال: أن رد ما صنعوه بالمسلمين وما نسبوه إليهم من السفاهة، غير لائق بالكتاب الإلهي، فإذا هم كانوا من المتجاسرين بالنسبة إليهم، والمعادين لهم بنسبتهم إلى الجهالة والسفه، فلا يرخص ذلك في حق الآخرين، ولا سيما الكتاب العزيز.
ولكنه خطور ناشئ عن قلة التدبر في أطراف المسألة، وهو أن الإسلام حين طلوعه كان يحتاج إلى الإمدادات الغيبية والإعانة الإلهية، والمسلمون في بدو الإسلام يمسون الحاجة ويلمسونها لما لا يجاذبهم إلا التشويق الإلهي، وأنه تعالى يعاضدهم حتى في هذه المراحل، فلو كان العدو اليهودي يسبهم ويهينهم، فيجيبهم الله تبارك وتعالى، فسيتقوون بذلك أحسن التقوية جدا، حتى يدافعوا عن اعتقادهم وعن