من المنافقين، فدأب المنافقين كان ذلك، وهو الإبراز عند اللقاء، وتأكيد الاستهزاء والخلاف عند الخلوة معهم، وهي شيطنتهم.
ومما يؤيد ما ذكرناه: وحدة نسق الآيات وسياق الضمائر، فإن الكل ترجع إلى تلك الطائفة من الناس، وأنهم كانوا إذا قيل: آمنوا، قالوا: كذا، وإذا قيل لهم: لا تفسدوا، قالوا: كذا، وإذا لقوا المؤمنين قالوا كذا، وعند الخلوة مع أنفسهم قالوا: كذا، فما ترى في كلماتهم من التقدم [خطوة] والتأخر أخرى كله من الغفلة عن حقيقة الحال في الآيات الإلهية.
الوجه الخامس المراد من " شياطينهم " حسب الموازين يكون المراد من " شياطينهم " الذين يلقون الشيطنة والتمرد، وقد عرفت أن الشيطان ليس موضوعا لطائفة خاصة من المتمردين والعاصين، فالخلاف المشاهد بين أرباب التفسير قديما وحديثا، يرجع إلى الشياطين في عصر النزول، لا في حدود الوضع، فعن ابن عباس والسدي: هم اليهود الآمرون بتكذيبهم (1)، وعن ابن مسعود وعن ابن عباس في رواية: هم رؤساء الكفر (2)، وعن الكلبي: هم شياطين الجن، وعن الضحاك وجماعة: هم كهنتهم، وقد كان في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من