وفي ذلك تقوية لأذهان المؤمنين إلى انسلاكهم في زمرتهم وانخراطهم في خريطة الإسلام.
وإن شئت قلت: إن الإيمان بالله ما كان أمرا حديثا بالنسبة إلى حالهم، لأنهم معروفون بذلك، وإنما الإيمان بالآخرة كان مورد اهتمام القرآن والمؤمنين، وكان يعلم من الإيمان بالآخرة إيمانهم بالكتاب والرسالة، لأن أهالي جزيرة العرب كانوا يستغربون الحشر، ويقولون: أإذا متنا وكنا ترابا أإنا لمحشورون؟! كلا. فعلى هذا لابد من تكرار الجار، وهذا أيضا رمز خاص إلى أن هذه الآية تشير إلى المنافقين المظهرين للإسلام والاعتقاد بالرسالة، فاغتنم.
المبحث السابع حول نفي الإيمان الحالي في الآية يخطر بالبال أن يقال: إن قضية السياق أن تكون الآية هكذا: ومن الناس من يقول: آمنا بالله وباليوم الآخر، وما كانوا يؤمنون حتى يتبين أنهم في ظرف ادعائهم الإيمان كانوا كاذبين، وأما إذا قيل: وما هم بمؤمنين، فلا يتبين كذبهم في ذلك الزمان، لأن ذيل الآية ينفي إيمانهم الحالي، لظهور المشتق في الفعلية وظهور الباء في النفي في الحال، كما مر في بحوث النحو، فإذا قيل: ليس زيد قائما، فربما يمكن أن يكون ذلك مسببا عنه في الأزمان الماضية، وأما إذا دخلت الباء في الخبر فتفيد النفي في الحال.