كالذين ومنون فيما يجمع وأما كونها للعام الاستغراقي، فمضافا إلى أنه خلاف المتبادر منه إنه مناف لصحة الإتيان به جمعا وتثنية، ولكن مع ذلك كله كثيرا ما نجد في الاستعمالات القرآنية إرجاع ضمير الجمع إليه ومعاملة الجمع معه، كما في هذه الآية الشريفة، فلابد - حينئذ - من ارتكاب أحد الأمرين، كما مضى في بعض بحوث فاتحة الكتاب عند قوله تعالى: * (غير المغضوب عليهم) * (1):
وهو إما دعوى: أنه موضوع لإفادة العامين البدلي والاستغراقي، ويلزم عند ذلك تعدد الوضع، لعدم الجامع بينهما، كما لا يخفى.
أو دعوى نوع توسع واعتبار حين الاستعمال، بأن يكون المرجع في إرجاع ضمير الجمع الأفراد المنطبق عليها كلمة " من " على البدل، فإنها بعد الانطباق تكون كثيرة كثرة عرضية لا طولية، فإذا حصلت الكثرة العرضية، يصح رجوع ضمير الجمع إليها في الاستعمال الواحد.
تنبيه: حول كون الموصولات من الأسماء المعاريف قد اشتهر بين النحاة أن الموصولات من الأسماء المعاريف.
وفيه نظران: الأول: أنها من الأسماء غير الواضحة، لما فيها من المعنى الحرفي، ولا سيما في " الذي "، وما فيه المعنى الحرفي لا يكون من المعاني الاسمية، وفي كيفية وضع اللفظ الواحد لمعنى حرفي واسمي صعوبة جدا.