مقتضى الأسلوب أن تكون الآية هكذا: " يؤمنون بما انزل إليك وما انزل من قبلك على رسله " وعلى هذا يخطر بالبال ما يؤيده الحديث المعروف: " كنت مع النبيين سرا، ومع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جهرا " (1)، وهو أن الحقيقة الكاملة المتجلية بأنواع التجليات، هي الحقيقة المحمدية العليا والعلوية البيضاء الظاهرة في المظاهر المتأخرة المتقيدة، والمظهر للظاهر الأزلي الأبدي السرمد، فيكون جميع الكتب السماوية نازلة على تلك الحقيقة الولوية. ويؤيد هذه المقالة العرفانية وتلك البارقة الملكوتية، الآثار الكثيرة والأخبار غير اليسيرة، ربما يأتي لمناسبات اخر مزيد بيان حولها.
ثم إن مقتضى إطلاق قوله تعالى: * (يؤمنون بما أنزل إليك) * هو الإيمان بجميع ما يتنزل عليه من التكوين والتشريع، فإن الصور الكمالية تنطبع في المواد بعد النزول على الإنسان الكامل، الذي به يخرج الله تعالى القوى والاستعدادات من النقص إلى الكمال، ومن الظلمات إلى النور، فلا يكون ما انزل إليه مقصورا على الكتب التدوينية والأحكام الشرعية، وإلى هذه القاعدة العلمية المشفوعة بكشف أرباب اليقين وأصحاب الإيمان يشير كثير من الأحاديث ومنها ما في الزيارة المعروفة: " إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم، وتصدر من بيوتكم " (2)، والله هو الهادي إلى الصراط السوي.