المبحث الخامس حول شبهة في المقام وهو أن هذه الآية والآيات التي تكون بعدها، نزلت لتوضيح حال المنافقين، كما عرفت عن العامة والخاصة، وقد صرح في كتب التفاسير:
بأن أكثرهم من اليهود (1)، وهم قائلون بالمبدأ والمعاد، وينكرون الرسالة والولاية، فعليه لا يبقى وجه لقوله تعالى: * (آمنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين) *، وكان المناسب أن يقال: آمنا بك وبأحكامك وما هم بمؤمنين، حتى يندرجوا في سلك المنافقين.
وما في بعض كتب التفسير: أن اعتقادهم التقليدي الضعيف، لم يكن له أثر في أخلاقهم ولا في أعمالهم، فلو حصل ما في صدورهم ومحص ما في قلوبهم، وعرفت مناشئ الأعمال من نفوسهم، لوجد أن ما كان لهم عمل صالح كصلاة وصدقة، فإنها رئاء الناس وحب السمعة (2)، لا يخلو عن سخافة.
وبالجملة: هنا معضلتان:
الأولى: أن اليهود كانوا يؤمنون بالله وباليوم الآخر حسب إيمان المسلمين بهما، فلا معنى لنفي إيمانهم بهما.
الثانية: أن المنافقين كانوا يظهرون الإيمان بالرسالة وبما جاء به