الاعتقاد بها وعقد القلب عليها.
وقريب منه على مسلك فيلسوف إلهي إنهم سيوقنون بالآخرة، لما مر أن وجودها تابع لوجود أهلها، فهم يؤمنون بالآخرة وبالمعاد، ولكن اليقين لا يحصل إلا بعد الحشر، لأن المعاينة تحصل بعد العود والرجوع، لما أنها ليست موجودة وراء وجود أهل الآخرة. وإلى هذه النكتة والبارقة العلمية أشير في الكتاب أحيانا بقوله: * (يوقنون) *، فخميرة اليقين - وهو الإيمان - حاصل بالمفهوم الكلي وأما حقيقة اليقين فتحصل بعد مفارقة الدار الدنيا، وبعد رفض جلباب البشرية وصيصة الناسوتية.
وعلى مسلك العارف * (يؤمنون بما أنزل إليك) * من كل شئ، ولا يخص بالكتاب ولا بالحديث ولا بالتشريع، فيعم التكوين، * (وما أنزل من قبلك) * بالإيمان التحقيقي الشامل للأقسام الثلاثة، المستلزم للأعمال القلبية التي هي التحلية، وهي غرس القلب بالحكم والمعارف المنزلة في الكتب الإلهية، والعلوم المتعلقة بأحوال المبدأ والمعاد وأمور الآخرة، هكذا قيل: * (وبالآخرة هم يوقنون) * من غير أن يكونوا أهل الآخرة، لأنهم غير متزكين بأنحاء التزكيات، ولا متحلين بحلية الشهود والظهور بالبرزخية الكبرى، فيشتغلون في البرازخ الجزئية إلى القيامة الكبرى،