بالإقرار بالنبوة، فيكون النفي دليلا على المطلوب.
قلت: لا تنافي بين كون الإقرار بالله وباليوم الآخر مصحوبا بالإقرار بالنبوة والرسالة، ولكن النفي مرتبط بما في الكلام فقط، فتأمل جيدا.
تنبيه إن التدبر في الآيات الآتية وفي قوله تعالى: * (في قلوبهم مرض...) * إلى آخره، وفي قوله تعالى: * (وإذا قيل لهم لا تفسدوا...) * إلى آخره، وفي قوله تعالى: * (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون) * يجد أن حال المنافقين موضوع البحث وأن الآية التي ابتدأت بذلك هو قوله تعالى: * (ومن الناس) *، وجميع الضمائر المتأخرة ترجع إلى قوله تعالى: * (ومن الناس) *، وهذه الآية مرجع الضمائر الكثيرة الآتية إلى الآية العشرين، وهي قوله تعالى: * (يكاد البرق يخطف أبصارهم...) * إلى آخره.
فلا وجه للمناقشة في اختصاص الآية بالمنافقين، سواء فيه المنافقون المشركون أو المنافقون من أهل الكتاب، ولكن الرجوع إلى قوله تعالى: * (يخادعون الله والذين آمنوا) *، وإلى قوله تعالى: * (إنما نحن مصلحون) *، وإلى قوله تعالى: * (آمنوا كما آمن الناس) *، وإلى قوله تعالى: * (وإذا لقوا الذين آمنوا...) * إلى آخره، وإلى أن هذه السورة مدنية، وإلى تمثيل حالهم بحال المستوقد المضئ، يفيد أظهرية الآيات في المنافقين من أهل الكتاب، فإن المشرك لا يستضئ بشئ من الأعمال لعدم اعتقاده، بخلاف أهل الكتاب، فتدبر تعرف.