الروحانيات والفضائل الأخلاقية ويعانق الملكات الفاضلة النفسانية، وأخرى يكون متحركا [نحو] الشقاوة متوجها إلى البلاء وإلى الملكات الرذيلة، ويكتسب الموبقات والفجائع ويصير مبدأ الشرور والرذائل، وثالثة يتوسط بين الحركتين، ويعانق من الخير [جملة] ومن الشر جملة، ولا يتمكن من أن يحول بين نفسه وبين تلك الملكات الخبيثة، أو الأفعال الباطلة المحرمة غير المشروعة، فعلى هذا تكون قد ابتليت بداء لا دواء [له] وببلية لا علاج يتصور لها بعد الفراغ عنها، فيدخل في النشآت الغيبية مزاولا لما لا ينبغي لمقامه المقدس، فإن النفس هبطت إليه من المكان الأرفع، حتى حكي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عظم يهوديا معللا: بأن له النفس، فإذا بلغ الأمر إلى هذه الورطة وتلك الغمرة، ولم يصل إليه هداية الكتب الإلهية، أو لم يؤثر فيه أنفاس الأنبياء والرسل، فلا تنقطع الرحمة الإلهية ولا الربوبية من الرب السبحاني، بل تشمله الغاية التامة الكلية حتى تحول بين المرء وخبيثه وجليس سوئه.
أفلا ترى في الفكرة والحدس: أن الأحجار الكريمة والنقود الجميلة تنادي بلسان الذات، بل بلسان أنطقه الله الذي أنطق كل شئ، وتناجي ربها من سوء ما صنع بها من ناحية جارها، فتصل إليها الرحمة الإلهية بتوسط الأيادي الربانية، فتجعلها في النار، وتصبر على ذلك حتى تخلص عما يؤذيها ويانقه من المؤذيات اللاجنسية والمهلكات الأبدية التي لا زال تبقى معه حتى تفنيه.
فإذا شاهدت ذلك فلتشهد على نفسك: أن الأمر مثل ذاك حذوا بحذو، فإن الجحيم والنار الإلهية التي عدت من الآلاء - كما في قوله تعالى: