والخضر (عليه السلام) إن شاء الله تعالى.
ومجمل القول في المقام: أن في نسبة الطبع إلى الله تعالى دقيقة لطيفة، وتكون النسبة على نعت الحقيقة دون التوسع، وهو أن معنى الختم - كما عرفت - هو الفراغ عن الشئ، أو الفراغ عنه بجعل سمة عليه وعلامة له، ولا شبهة في أن الفراغ والختم يتقوم بالمبادئ الخاصة المعينة، فكما أن القوى العمالة تنتهي إلى غاياتها، وتكون تلك الغايات حاصلة بعد سير تلك القوى العمالة، ولا تكون تلك الغايات مفاضة عليها إلا من المبادئ الإلهية الغيبية، ولا تكون مفيضة عليها إلا بعد سير تلك القوى والمبادئ المادية الظاهرية، كذلك الأمر فيما نحن فيه، فإن طبع القلوب وجعل الختم عليها، أو ختم القلوب بالفراغ عنها، وبجعل العلامة عليها والسمة لها، بعد سير أرباب القلوب والأسماع والأبصار، حسب اختياراتهم في المبادئ المادية الإعدادية، باختيار الكفر والفسق والإثم والإصرار عليها، والمداومة والمزاولة لها حتى تصير ملكة راسخة، ويصير الكفر واردا في حد وجوده وموجوديته وكمالا ثانيا وهميا له، يقتضي ويهيئ نزول الصورة الخاصة المتعصية عن قبول أية هداية كانت، ويوجب أن تنتهي هذه المادة السيالة إلى مرتبة من القساوة والبعد والشقاوة والانحراف، حتى تكون الصورة المفاضة من الله تعالى، مانعة عن قبول جميع أنحاء الاستضاءة والاستنارة والسعادة والهداية.
وهذا الأمر هي الحقيقة السارية في جميع مراحل الوجود المتحرك من النقص إلى الكمال، وفي مجموع منازل الفيض النازل