الجدية القانونية الباعثة أو الزاجرة منه تعالى بالنسبة إليهم.
وغير خفي: أن هذه الشبهة لا تندفع بثبوت القدرة للكافر المزبور في الآية وبإثبات الاختيار، لأن منشأ الشبهة: هو أن المقنن العالم بعدم انبعاث هؤلاء الجماعة عن أمره، وقد أخبر بذلك، وبأنهم لا يؤمنون، كيف يتمكن من توجيه الخطاب الجدي إليهم؟! فالآية الشريفة تكون ظاهرة في إمكانه، لأنه - مضافا إلى اشتمالها على الإخبار بأنهم لا يؤمنون - تكون في موقف ذمهم، فيعلم منه أنهم مكلفون كسائر الكفار والمؤمنين بالإيمان وتحصيله وإبقائه.
أقول: هذه المسألة من المسائل الغامضة، وتكون من صغريات البحث الكلي الأصولي، وهو كيفية تصوير تكليف الكفار والعصاة، وقد فرغنا عن حل هذه المسألة بما لا مزيد عليه في فن الأصول (1).
وإجماله: أن الخطابات بين ما هي شخصية جزئية وما هي كلية قانونية، ففي الخطابات الشخصية المتعارفة بين الآحاد، لا يعقل أن يكلف أحد أحدا بشئ مع علمه بأنه لا ينبعث عن تكليفه ولا يمتثل أمره.
وأما في الخطابات الكلية القانونية العرفية والشرعية، فلا يلاحظ حالات الآحاد والأفراد، من العجز والجهل والقدرة والعلم والغفلة والنسيان والسهو والذكر والالتفات، بل يراعي صلاح المجتمع في تقنين القانون الكذائي، ويراعي وجود جماعة يهتمون بالتكليف، ويمتثلون أمر القانون، ولا يعتبر في إحداث هذه الإرادة، المتعلقة بجعل