علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) (1) قال: " سألته عن الرجل يكون خلف إمام فيطول في التشهد، فيأخذه البول أو يخاف على شئ أن يفوت أو يعرض له وجع، كيف يصنع؟ قال: يلم وينصرف ويدع الإمام ".
وعندي في الاستدلال بهذه الرواية اشكال، وذلك لأنها وإن دلت على جواز الانصراف مع العذر لكنها قد دلت على كون محله التشهد، وأنه بسبب تطويل الإمام في التشهد، والظاهر أن المراد بتطويله عبارة عن الاتيان بما اشتمل عليه من الأذكار المستحبة في التشهد وهو التشهد المستحب، وحينئذ فمن المحتمل قريبا أن الأمر بالانصراف إنما هو في ضمن تلك الأذكار المستحبة بعد الاتيان بالصيغة الواجبة، وعلى هذا فلا دلالة في هذا الخبر على المدعى، لأنهم قد صرحوا بجواز تسليم المأموم قبل الإمام وإن كان لا لعذر، وجعلوها مسألة مستقلة غير ما نحن فيه، واستدلوا عليها بصحيحة أبي المغرا عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) " في الرجل يصلي خلف الإمام فيسلم قبل الإمام؟ قال: ليس عليه بذلك بأس " واستدلوا أيضا بالرواية السابقة في تلك المسألة، وكأنه لفهمهم منها الأولوية لهذه الصورة.
والظاهر عندي - لما عرفت - هو الاختصاص بهذه الصورة، على أن الرواية المذكورة - بناء على ما ذكروا - معارضة بصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3) قال: " سألته عن رجل يكون خلف الإمام فيطيل الإمام التشهد. قال: يسلم ويمضي لحاجته إن أحب " فإنها دالة على جواز الانفراد لا لعذر مع تعين محل المفارقة فيها كتلك الرواية. وعلى ما ذكرنا من تخصيص ذلك بما بعد التشهد يزول الاشكال عن الجميع مع أن العذر المذكور في صحيحة علي بن جعفر إنما وقع في كلام السائل. هذا مع العذر.
وأما مع عدمه فالمشهور أيضا جواز العدول مع نية الانفراد، وذهب الشيخ في المبسوط إلى العدم.
وأدلة كل من الطرفين لا تخلو من دخل، إلا أن يقين البراءة من التكليف