لمتعلق التكليف يتوقف الامتثال على تعيين فرد منها بالنية، بل يكفي في حصول المطلوب شرعا مجرد الترك وإن كان لا عن قصد، وفي حكمها الأفعال المطلوب بها ترك شئ آخر كمحل البحث، فإن إزالة النجاسة لما كان المطلوب بها ترك النجاسة كانت ملحقة بالتروك وأورد عليهم الانتفاض بالصوم والاحرام، فإن كلا منهما مفسر بترك الأشياء المعينة.
أجابوا بأن الترك هنا كالفعل في وجوب النية، قالوا: إن متعلق التكليف أما فعل محض أو ترك كالفعل، وكل منهما مما تجب فيه النية، أو ترك محض أو فعل كالترك، وهما مما لا تجب فيه النية.
ولا يخفى ما في الجواب المذكور من القصور، كما أشار إليه السيد السند (قدس سره) والتحقيق في هذا المقام ما أفاده المحدث الأمين الاسترآبادي في تعليقاته على المدارك، حيث قال - بعد نقل عبارة الكتاب - " قلت: تحقيق المقام أن المطلوب من العبد قد يكون ايجاد أثر في الخارج، كالقراءة والركوع والسجود، وقد يكون ايجاد أثر في الذهن، كعزمه أن لا يتعمد شيئا من المفطرات من طلوع الفجر إلى المغرب بشرط أن لا يقع منه ما ينافيه. وحقيقة الصوم هو هذا العزم المقيد بالشرط المذكور، ولذا لو نوى وأخذه النوم إلى المغرب صح صومه، ولو لم ينو واجتنب المفطرات لم يصح صومه كما تقرر. فإن كانت حقيقة الاحرام عزمه على أن لا يتعمد شيئا من الأمور المعينة من حين التلبية إلى وقت الحلق والتقصير بشرط الاتيان بالتلبية، فهو من الباب الثاني وإن كانت حقيقته الحالة المترتبة على نية الحج والعمرة والاتيان بأول جزء منه وهو التلبية - كما هو الظاهر عندي من الروايات - فليس من الباب الثاني، بل هو من الأحكام المترتبة على مجموع النية والاتيان بجزء من المنوي، نظير حرمة منافيات الصلاة على المصلي بسبب نية الصلاة وتكبيرة الاحرام. وقد يكون وجود حالة كطهارة ثوبه حال صلاته،