(أما أولا) - فلأن ظاهر مرسلة ابن رباط المتقدمة (1) - حيث قال فيها:
(وأما المذي فإنه يخرج من الشهوة) - اختصاص المذي بالخارج عن شهوة، ويؤيده ما ذكره في الفقيه (2) حيث قال: (والمذي ما يخرج قبل المني) وكلام أهل اللغة أيضا، حيث خصوه بذلك أيضا، ولذلك عرفه شيخنا الشهيد الثاني بأنه ماء رقيق لزج يخرج عقيب الشهوة، ونظم ذلك بعض متأخري علمائنا فقال:
المذي ماء رقيق أصفر لزج * خروجه بعد تفخيذ وتقبيل وحينئذ فما اشتملت عليه هذه الأخبار - من وجود فرد له ليس عن شهوة - مشكل و (ثانيا) - أنه قد روى يعقوب بن يقطين في الصحيح (3) قال: (سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يمذي وهو في الصلاة من شهوة أو من غير شهوة.
قال: المذي منه الوضوء) فإنها دالة على ثبوت الوضوء منه وإن لم يكن عن شهوة. وحمل الشيخ (رحمه الله) - الخبر المذكور على التعجب والاستفهام الانكاري - لا يخلو من بعد.
وظاهر جماعة من متأخري متأخرينا (رضوان الله عليهم) حمل هذه الأخبار كلا على الاستحباب جمعا، وأيدوه بصحيحة ابن بزيع الثانية (4) وهو وإن احتمل إلا أن الظاهر أن الأقرب الحمل على التقية:
(أما أولا) - فلأنها - كما ذكرنا سابقا - هي الأصل في اختلاف الأخبار، والعامة كلهم إلا الشاذ منهم على النقض به (5).