أقواها أن فائدة اللفظتين في الشريعة مختلفة وفي اللغة أيضا، وقد فرق الله تعالى في آية الطهارة (١) بين الأعضاء المغسولة والممسوحة، وفصل أهل الشرع بين الأمرين فلو كانتا متداخلتين لما كان كذلك، وحقيقة الغسل توجب جريان الماء على العضو وحقيقة المسح تقتضي إمرار الماء من غير جريان، فالتنافي بين الحقيقتين ظاهر، لأنه من المحال أن يكون الماء جاريا وسائلا وغير سائل ولا جار في حال واحدة. وقد بينا في مواضع كثيرة من كلامنا أن المسح يقتضي إمرار قدر من الماء بغير زيادة عليه، فلا يدخل أبدا في الغسل.
ومن قوي ما أبطل هذه الشبهة أن الأرجل إذا كانت معطوفة على الرؤوس وكانت الرؤوس بلا خلاف فرضها المسح الذي ليس بغسل على وجه من الوجوه فيجب أن يكون حكم الأرجل كذلك، لأن العطف مقتض للمسح وكيفيته.
وقد بينا أيضا في مسائل الخلاف أن القراءة في الأرجل بالنصب (٢) لا تقدح في مذهبنا وأنها توجب بظاهرها المسح في الرجلين كإيجاب القراءة بالجر، لأن موضع برؤوسكم موضع نصب بإيقاع الفعل، وهو قوله جل ثناؤه:
(وامسحوا برؤوسكم) وإنما جرت الرؤوس بالباء الزائدة فإذا نصبنا الأرجل فعلى الموضع لا على اللفظ.
وأمثلة ذلك في الكلام العربي أكثر من أن تحصى يقولون: لست بقائم ولا قاعد وأنشدوا: