مقامه هو الذي انفردت به في هذه الأزمنة لأنه قد روي القول بالمسح عن جماعة من الصحابة والتابعين كابن عباس رضي الله عنه وعكرمة وأنس وأبي العالية والشعبي وغيرهم (١).
وهذه المسألة مما استقصينا الكلام عليها في مسائل الخلاف وبلغنا فيها أقصى الغايات وانتهينا في تفريع الكلام وتشعيبه إلى ما لا يوجد في شئ من الكتب غير أنا لا نخلي هذا الموضع من جملة كافية.
والذي يدل على صحة مذهبنا في إيجاب المسح دون غيره: مضافا إلى الإجماع الذي عولنا في كل المسائل عليه قوله جل وعز: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) (٢) فأمر بغسل الوجوه وجعل للأيدي حكمها في الغسل بواو العطف، ثم ابتدأ جملة أخرى فقال: (وامسحوا برؤوسكم) فأوجب بالتصريح للرؤوس المسح وجعل للأرجل مثل حكمها بالعطف، فلو جاز أن يخالف بين حكم الأرجل والرؤوس في المسح جاز أن يخالف بين حكم الوجوه والأيدي في الغسل لأن الحال واحدة.
وقد أجبنا عن سؤال من يسألنا فيقول: ما أنكرتم أن الأرجل إنما انجرت بالمجاورة لا لعطفها في الحكم على الرؤوس بأجوبة:
منها: أن الإعراب بالمجاورة شاذ نادر ورد في مواضع لا يلحق بها غيرها، ولا يقاس عليها سواها بغير خلاف بن أهل اللغة، ولا يجوز حمل كتاب الله تعالى