أن يكون خلاف ما فعله غير مقبول.
ولفظة مقبول يستفاد بها (١) في عرف الشرع أمران: أحدهما: الإجزاء، كقولنا: لا تقبل (٢) صلاة بغير طهارة. والأمر الآخر: الثواب عليها، كقولنا إن الصلاة المقصود بها الرياء غير مقبولة بمعنى سقوط الثواب وإن لم يجب إعادتها. وقول المعتزلة: إن صلاة صاحب الكبيرة غير مقبولة لأنه لا ثواب عندهم عليها وإن كانت مجزية لا يجب إعادتها.
ويجب حمل لفظة نفي القبول على الأمرين غير أنه إذا قام الدليل على أن من غسل يديه وابتدأ بأصابعه وانتهى إلى المرافق يجزئ وضوؤه بقي المعنى الآخر وهو نفي الثواب والفضل وهو مرادنا.
وقد بينا في مسائل الخلاف وفي جواب أهل الموصل (٣) إبطال استدلالهم بقوله تعالى: (إلى المرافق) (٤) وأنه جل ثناؤه جعلها غاية لا ابتداء وقلنا: إن لفظة (إلى) قد تكون بمعنى الغاية، وقد تكون بمعنى (مع) وهي في الأمرين (٥) حقيقة. واستشهدنا بقوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) (٦) وقوله جل وعز: (من أنصاري إلى الله) (٧) وبقول أهل اللسان العربي: ولي فلان الكوفة إلى البصرة، والمراد بلفظه (إلى) في هذا كله معنى (مع)، واستشهدنا على ذلك بكثير من أشعار العرب