ويمكن أيضا أن يحتج في ذلك عليهم بما يروونه من قوله (عليه السلام) وقد توضأ مرة مرة وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به.
فلا يخلو أن يكون قدم اليمنى أو أخرها، فإن كان قدمها وجب نفي إجزاء تأخيرها وإن كان أخرها وجب نفي إجزاء تقديمها، وليس هذا بقول لأحد من الأمة.
وليس لهم أن يقولوا الإشارة في قوله (صلى الله عليه وآله) وقد توضأ مرة مرة - هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به إلى أفعال الوضوء دون صفاته وكيفياته وذلك أن الإشارة إذا أطلقت دخل تحتها الأفعال وكيفياتها لأن كيفياتها وصفاتها كالجزء منها، لأنه (عليه السلام) لو غسل وجهه على ضرب من التحديد، ثم قال: لا يقبل الله الصلاة إلا به لدل ذلك على وجوب الفعل وصفته.
ولولا أن الأمر على ما قلناه لم يفرق النبي (صلى الله عليه وآله) بين وضوئه الأول والثاني والثالث. وقال في الثالث الذي اقتصر فيه على مرة واحدة:
لا يقبل الله الصلاة إلا به، فلولا أن الإشارة إلى الصفات والكيفيات لكان الكل واحدا في أن الصلاة لا تقبل إلا به إن كانت الإشارة إلى الأفعال دون الكيفيات.
على أن الشافعي (١) لا يتمكن من الطعن بذلك لأنه يستدل بهذا الخبر على وجوب ترتيب الطهارة في الأعضاء الأربعة ويراعي الكيفيات لأن الترتيب كيفية وصفة، فإن طعن علينا بهذا فهو طاعن على نفسه.