وأن يقول لهم: من أراد منكم التوبة قبلت توبته وأقر في معيشته، ومن أراد منكم خدمة السلطان استخدم مع صاحب البلد، ومن أراد الانصراف عن البلد كان آمنا على نفسه ثلاثة أيام... (١) وذلك في سنة ٤٢٥.
ويروي لنا التاريخ أيضا (٢) أنه في ربيع الآخر سنة ٤٢٧ نقل أبو القاسم ابن مأكولا الوزير بعد أن قبض عليه وسلم إلى " المرتضى " إلى دار المملكة فمرض ويئس منه، وراسل الخليفة في معنى أخيه قاضي القضاة أبي عبد الله ابن مأكولا، وقيل هو يعرف أمواله، فدفع عنه الخليفة، ثم إن الجند شغبوا على جلال الدولة وقالوا: إن البلد لا يحتملنا وإياك، فأخرج من بيننا فإنه أولى لك فقال: كيف يمكنني الخروج على هذه الصورة؟ أمهلوني ثلاثة أيام حتى آخذ حرمي وولدي وأمضي، فقالوا: لا نفعل، ورموه بآجرة في صدره فتلقاها بيده، وأخرى في كتفه، فاستجاش الملك الحواشي والعوام، وكان المرتضى والزينبي والماوردي عند الملك، فاستشارهم في العبور إلى الكرخ كما فعل في المرة الأولى، فقالوا: ليس الأمر كما كان وأحداث الموضع قد ذهبوا، وحول الغلمان خيمهم إلى ما حول الدار إحاطة بها، وبات الناس على أصعب خطة، فخرج الملك نصف الليل إلى زقاق غامض، فنزل إلى دجلة، وقعد في سميرية فيها بعض حواشيه فغرقوها تقديرا أنه فيها، ومضى الملك مستترا إلى " دار المرتضى " وبعث حرمه إلى دار الخليفة، ونهب الجند دار المملكة وأبوابها وساجها ورتبوا فيها حفظة، فكانت الحفظة تخربها نهارا وتنقل ما اجتمع من ذلك ليلا.
فلا بدع أن يصيب المرتضى من جراء ذلك كثير من الأذى من رشاش تلك الحوادث وشظايا تلك الفتن التي قلما يسلم منها الوسطاء، أو يفلت منها المصلحون، وقد يجر عليهم ذلك أحيانا ارتياب الخليفة أو تغير قلبه لانقداح الشك فيه لعارض شبهة قد لا يكون لها أصل.
فيحدثنا التاريخ: أن الوزير أبا القاسم المغربي (٣) جمع الأتراك والمولدين ليحلفوا