أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم) (١) وادعي أن الطعام يدخل فيه ذبائح أهل الكتاب.
فالجواب عن ذلك أيضا أن أصحابنا يحملون قوله تعالى (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم) على ما يذكرونه (٢) مما يؤكل من حبوب وغيرها، وهذا تخصيص لا محالة، لأن ما صنعوه طعاما من ذبائحهم يدخل تحت اللفظ ولا يجوز إخراجه إلا بدليل.
فإذا قلنا: تخصيصه بقوله تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه)، قيل لنا: ليس أنتم بأن تخصوا آيتنا بعموم آيتكم أولى منا إذا خصصنا الآية التي تعلقتم بها بعموم ظاهر الآية التي استدللنا بها.
والذي يجب أن يعتمد في الفرق بين الأمرين أنه قد ثبت وجوب التسمية على الذبيحة وأن من تركها عامدا لا يكون مذكيا ولا يجوز أكل ذبيحته على وجه من الوجوه وكل من ذهب إلى هذا المذهب من الأمة يذهب إلى تخصيص قوله تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) وأن ذبائحهم لا تدخل تحته والتفرقة بين الأمرين خلاف الإجماع.
ولا يلزم على ما ذكرناه أن أصحاب أبي حنيفة (٣) يوافقونا على وجوب التسمية وإن لم يخصصوا بالآية الأخرى لأنا اشترطنا إيجاب التسمية مع الذكر على كل حال. وعند أصحاب أبي حنيفة أنه جائز أن يترك التسمية من أداه اجتهاده إلى ذلك، أو استفتى من هذه حاله، والإمامية يذهبون إلى أن التسمية مع الذكر لا تسقط في حال من الأحوال.