فإن استدلوا بما يروونه عنه عليه السلام من قوله: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والعتاق (١)، والهزل ما لا نية فيه وقد جعله النبي (عليه السلام) في الطلاق مثل الجد.
قلنا: هذا أيضا خبر واحد. وقد دللنا على أن أخبار الآحاد لا يعمل بها في الشريعة ثم نقول: إذا سلمناه إن الهزل ليس هو الذي لا يقصد ولا يعتمد ولا نية لصاحبه، وإنما هو الفعل الذي ليس الغرض فيه صحيحا موافقا للحكمة، فإن اللاعب بالشطرنج وما جرى مجراها يسمى هازلا غير جاد، وإن كان ناويا قاصدا من حيث كان غرضه غير حكمي فكأنه أراد أن طلق وغرضه بالطلاق الذي قصده ونواه إضحاك ضاحك أو إرضاء من لا يجب إرضاؤه.
فإن الطلاق يقع ويكون في حكم الجد في الوقوع واللزوم وإن كان هزلا من حيث فقد الغرض الحكمي.
فإن قيل: فيجب إذا سمعنا متلفظا بالطلاق على الشرائط التي يقترحونها إذا ادعى أنه لم ينو الطلاق بقلبه (٢) أن نصدقه!
قلنا كذلك نقول، فإن كان صادقا فيما قال فلا تبعة عليه وإن كان كاذبا في نفي النية فقد أثم وحرج، وعلى الظاهر أنه لم يطلق كما لو طلق مسرا من (٣) كل أحد ولم يقف على حاله سواه فإنه يكون مطلقا فيما بينه وبين الله تعالى وعلى الظاهر غير مطلق.
فإن قيل: فما تقولون فيمن تلفظ بالطلاق ثم مات ولم يدر هل نوى أو لم ينو؟