فإن قيل: من المستبعد أن يقول: ذلك عمر، ويصرح بأنه حرم ما أحله النبي (عليه السلام) فلا ينكره عليه منكر.
قلنا: قد أجبنا عن هذا السؤال في جملة جواب المسائل الطرابلسيات (١)، وقلنا: أنه لا يمتنع أن يكون السامعون لهذا القول من عمر انقسموا إلى معتقد للحق، بري من الشبهة، خارج عن حد (٢) العصبية غير أنه لقلة عدده وضعف بطشه لم يتمكن من إظهار الإنكار بلسانه فاقتصر على إنكار قلبه.
وقسم آخر - وهم الأكثرون عددا - دخلت عليهم الشبهة الداخلة على مخالفينا في هذه المسألة واعتقدوا أن عمر إنما أضاف النهي إلى نفسه وإن كان الرسول (صلى الله عليه وآله) هو الذي حرمها تغليظا وتشديدا وتكفلا وتحققا.
وقسم آخر اعتقدوا أن ما أباحه الله تعالى في بعض الأوقات إذا تغيرت الحال فيه وأشفق من ضرر في الدين يلحق في الاستمرار عليه جاز أن ينهى عنه بعض الأئمة، وعلى هذا الوجه حمل الفقهاء نهي عمر عن متعة الحج، وقد تقدم ذكر ذلك.
على أنه لا خلاف بين الفقهاء في أن المتمتع لا يستحق رجما ولا عقوبة، وقال عمر في كلامه: لا أؤتى بأحد تزوج متعة إلا عذبته بالحجارة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت (٣)، وما أنكر - مع هذا - عليه ذكر الرجم والعقوبة أحد فاعتذروا في ترك النكير لذلك بما شئتم فهو العذر في ترك النكير للنهي عن المتعة.