لو وطئ امرأة ولم يلتذ بوطئها، لأن نفسه عافتها وكرهتها، أو لغير ذلك من الأسباب لكان دفع المهر واجبا وإن كان الالتذاذ مرتفعا، فعلمنا أن لفظة الاستمتاع في الآية إنما أريد بها العقد المخصوص دون غيره.
ومما يبين ما ذكرناه ويقويه قوله تعالى: (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) (١) والمعنى على ما أجمع عليه أصحابنا وتظاهرت به الروايات عن أئمتهم عليهم السلام أن تزيدها في الأجر وتزيدك في الأجل (٢).
وما يقوله مخالفونا من أن المراد بذلك رفع الجناح في الإبراء أو النقصان أو الزيادة في المهر أو ما يستقر بتراضيهما من النفقة ليس بمعول عليه، لأنا نعلم أن العفو والابراء مسقط للحقوق بالعقول، ومن الشرع ضرورة لا بهذه الآية، والزيادة في المهر إنما هي كالهبة، والهبة أيضا معلومة لا من هذه الآية، وأن التراضي مؤثر في النفقات وما أشبهها معلوم أيضا، وحمل الآية والاستفادة بها ما ليس بمستفاد قبلها ولا معلوم هو الأولى، والحكم الذي ذكرناه مستفاد بالآية غير معلوم قبلها فيجب أن يكون أولى.
ومما يمكن معارضة المخالف به الرواية المشهورة أن عمر خطب الناس ثم قال: متعتان كانتا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حلالا أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما: متعة النساء ومتعة الحج (٣)، فاعترف بأنها كانت على عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) حلالا، وأضاف النهي والتحريم إلى نفسه، فلو كان النبي (صلى الله عليه وآله) هو الذي نسخها ونهى عنها أو أباحها في وقت مخصوص دون غيره على ما يدعون لأضاف عمر التحريم إليه عليه السلام دون نفسه.