بشرط أن يكون سالما من التدليس والله أعلم ويؤيد أنها سمعت ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم قولها في أثناء هذا الحديث فجاءه الملك فقال اقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ قال فأخذني إلى آخره فقوله قال فأخذني نغطني ظاهر في أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرها بذلك فتحمل بقية الحديث عليه (قوله أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة) زاد في رواية عقيل كما تقدم في بدء الوحي من الوحي أي في أول المبتدءات من إيجاد الوحي الرؤيا وأما مطلق ما يدل على نبوته فتقدمت له أشياء مثل تسليم الحجر كما ثبت في صحيح مسلم وغير ذلك وما في الحديث نكرة موصوفة أي أول شئ ووقع صريحا في حديث ابن عباس عند ابن عائذ ووقع في مراسيل عبد الله بن أبي بكر بن حزم عند الدولابي ما يدل على أن الذي كان يراه صلى الله عليه وسلم هو جبريل ولفظه أنه قال لخديجة بعد أن أقرأه جبريل اقرأ باسم ربك أرأيتك الذي كنت أحدثك أني رأيته في المنام فإنه جبريل استعلن (قوله من الوحي) يعني إليه وهو إخبار عما رآه من دلائل نبوته من غير أن يوحى بذلك إليه وهو أول ذلك مطلقا ما سمعه من بحيرا الراهب وهو عند الترمذي بإسناد قوي عن أبي موسى ثم ما سمعه عند بناء الكعبة حيث قيل له اشدد عليكم إزارك وهو في صحيح البخاري من حديث جابر وكذلك تسليم الحجر عليه وهو عند مسلم من حديث جابر بن سمرة (قوله الصالحة) قال ابن المرابط هي التي ليست ضغثا ولا من تلبيس الشيطان ولا فيها ضرب مثل مشكل وتعقب الأخير بأنه إن أراد بالمشكل ما لا يوقف على تأويله فمسلم وإلا فلا (قوله فلق الصبح) يأتي في سورة الفلق قريبا (قوله ثم حبب إليه الخلاء) هذا ظاهر في أن الرؤيا الصادقة كانت قبل أن يحبب إليه الخلاء ويحتمل أن تكون لترتيب الاخبار فيكون تحبيب الخلوة سابقا على الرؤيا الصادقة والأول أظهر (قوله الخلاء) بالمد المكان الخالي ويطلق على الخلوة وهو المراد هنا (قوله فكان يلحق بغار حراء) كذا في هذه الرواية وتقدم في بدء الوحي بلفظ فكان يخلو وهي أوجه وفي رواية عبيد بن عمير عند ابن إسحاق فكان يجاور (قوله الليالي ذوات العدد) في رواية ابن إسحاق أنه كان يعتكف شهر رمضان (قوله قال والتحنث التعبد) هذا ظاهر في الادراج إذ لو كان من بقية كلام عائشة لجاء فيه قالت وهو يحتمل أن يكون من كلام عروة أو من دونه ولم يأت التصريح بصفة تعبده لكن في رواية عبيد ابن عمير عند ابن إسحاق فيعطي من يرد عليه من المساكين وجاء عن بعض المشايخ أنه كان يتعبد بالتفكر ويحتمل أن تكون عائشة أطلقت على الخلوة بمجردها تعبدا فإن الانعزال عن الناس ولا سيما من كان على باطل من جملة العبادة كما وقع للخليل عليه السلام حيث قال إني ذاهب إلى ربي وهذا يلتفت إلى مسألة أصولية وهو أنه صلى الله عليه وسلم هل كان قبل أن يوحى إليه متعبدا بشريعة نبي قبله قال الجمهور لا لأنه لو كان تابعا لأستبعد أن يكون متبوعا ولأنه لو كان لنقل من كان ينسب إليه وقيل نعم واختاره ابن الحاجب واختلفوا في تعيينه على ثمانية أقوال أحدها آدم حكاه ابن برهان الثاني نوح حكاه الآمدي الثالث إبراهيم ذهب إليه جماعة واستدلوا بقوله تعالى ان أتبع ملة إبراهيم حنيفا الرابع موسى الخامس عيسى السادس بكل شئ بلغه عن شرع نبي من الأنبياء وحجته أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده السابع الوقف واختاره الآمدي ولا يخفى قوة الثالث ولا سيما مع ما نقل من ملازمته للحج والطواف ونحو ذلك مما بقي
(٥٥٠)