الأقاويل التي أشار إليها النووي منها دعوى أن ذلك كان قبل تحريم النياحة قال وهو فاسد لمساق حديث أم عطية هذا ولولا أن أم عطية فهمت التحريم لما استثنت (قلت) ويؤيده أيضا أن أم عطية صرحت بأنها من العصيان في المعروف وهذا وصف المحرم ومنها أن قوله إلا آل فلان ليس فيه نص على أنها تساعدهم بالنياحة فيمكن أنها تساعدهم باللقاء والبكاء الذي لا نياحة معه قال وهذا أشبه مما قبله (قلت) بل يرد عليه ورود التصريح بالنياحة كما سأذكره ويرد عليه أيضا أن اللقاء والبكاء المجرد لم يدخل في النهي كما تقدم في الجنائز وتقريره فلو وقع الاقتصار عليه لم يحتج إلى تأخير المبايعة حتى تفعله ومنها يحتمل أن يكون أعاد إلا آل فلان على سبيل الانكار كما قال لمن استأذن عليه فقال له من ذا فقال أنا فقال أنا أنا فأعاد عليه كلامه منكرا عليه (قلت) ويرد عليه ما ورد على الأول ومنها أن ذلك خاص بأم عطية قال وهو فاسد فإنها لا تختص بتحليل شئ من المحرمات انتهى ويقدح في دعوى تخصيصها أيضا ثبوت ذلك لغيرها ويعرف منه أيضا الخدش في الأجوبة الماضية فقد أخرج ابن مردويه من حديث ابن عباس قال لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء فبايعهن أن لا يشركن بالله شيئا الآية قالت خولة بنت حكيم يا رسول الله كان أبي وأخي ماتا في الجاهلية وأن فلانة أسعدتني وقد مات أخوها الحديث وأخرج الترمذي من طريق شهر بن حوشب عن أم سلمة الأنصارية وهي أسماء بنت يزيد قالت قلت يا رسول الله إن بني فلان أسعدوني على عمي ولا بد من قضائهن فأبى قالت فراجعته مرارا فأذن لي ثم لم أنح بعد وأخرج أحمد والطبري من طريق مصعب بن نوح قال أدركت عجوزا لنا كانت فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فأخذ علينا ولا ينحن فقالت عجوز يا نبي الله إن ناسا كانوا أسعدونا على مصائب أصابتنا وإنهم قد أصابتهم مصيبة فأنا أريد أن أسعدهم قال فاذهبي فكافئيهم قالت فانطلقت فكافأتهم ثم أنها أتت فبايعته وظهر من هذا كله أن أقرب الأجوبة أنها كانت مباحة ثم كرهت كراهة تنزيه ثم تحريم والله أعلم * الحديث الثاني (قوله حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا أبي) هو جرير بن حازم (قوله سمعت الزبير) في رواية الإسماعيلي الزبير ابن خريت وهو بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء بعدها تحتانية ساكنة ثم مثناة (قوله في قوله ولا يعصينك في معروف قال إنما هو شرط شرطه الله للنساء) أي على النساء وقوله فبايعهن في السياق حذف تقديره فإن بايعن على ذلك أو فإن اشترطن ذلك على أنفسهن فبايعهن واختلف في الشرط فالأكثر على أنه النياحة كما سبق وقد تقدم عند مسلم ما يدل لذلك وأخرج الطبري من طريق زهير بن محمد قال في قوله ولا يعصينك في معروف لا يخلو الرجل بامرأة وقد جمع بينهما قتادة فأخرج الطبري عنه قال أخذ عليهن أن لا ينحن ولا يحدثن الرجال فقال عبد الرحمن ابن عوف إن لنا أضيافا وإنا نغيب عن نسائنا فقال ليس أولئك عنيت وللطبري من حديث ابن عباس المقدم ذكره إنما أنبئكن بالمعروف الذي لا تعصينني فيه لا تخلون بالرجال وحدانا ولا تنحن نوح الجاهلية ومن طريق أسيد بن أبي أسيد البراد عن امرأة من المبايعات قالت كان فيما أخذ علينا أن لا نعصيه في شئ من المعروف ولا نخمش وجها ولا ننشر شعرا ولا نشق جيبا ولا ندعو ويلا * الحديث الثالث (قوله قال الزهري حدثناه) هو من تقديم الاسم على الصيغة والضمير للحديث الذي يريد أن يذكره (قوله وقرأ آية النساء) أي آية بيعة النساء وهي
(٤٩٠)