أبي فقد أخزيت الابعد وفي رواية أيوب يلقى رجل أباه يوم القيامة فيقول له أي أبن كنت لك فيقول خير ابن فيقول هل أنت مطيعي اليوم فيقول نعم فيقول خذ بأزرتي فيأخذ بأزرته تم ينطلق حتى يأتي ربه وهو يعرض الخلق فيقول الله يا عبدي ادخل من أي أبواب الجنة شئت فيقول أي رب أبي معي فإنك وعدتني أن لا تخزني (قوله فيقول الله إني حرمت الجنة على الكافرين) في حديث أبي سعيد فينادي إن الجنة لا يدخلها مشرك (قوله ثم يقال يا إبراهيم ما تحت رجليك انظر فينظر فإذا هو بذيخ متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار) في رواية إبراهيم ابن طهمان فيؤخذ منه فيقول يا إبراهيم أين أبوك قال أنت أخذته مني قال انظر أسفل فينظر فإذا ذيخ يتمرغ في نتنه وفي رواية أيوب فيمسخ الله أباه ضبعا فيأخذ بأنفه فيقول يا عبدي أبوك هو فيقول لا وعزتك وفي حديث أبي سعيد فيحول في صورة قبيحة وريح منتنة في صورة ضبعان زاد ابن المنذر من هذا الوجه فإذا رآه كذا تبرأ منه قال لست أبي والذيخ بكسر الذال المعجمة بعدها تحتانية ساكنة ثم خاء معجمة ذكر الضباع وقيل لا يقال له ذيخ إلا إذا كان كثير الشعر والضبعان لغة في الضبع وقوله متلطخ قال بعض الشراح أي في رجيع أو دم أو طين وقد عينت الرواية الأخرى المراد وأنه الاحتمال الأول حيث قال فيتمرغ في نتنه قيل الحكمة في مسخه لتنفر نفس إبراهيم منه ولئلا يبقى في النار على صورته فيكون فيه غضاضة على إبراهيم وقيل والحكمة في مسخه ضبعا أن الضبع من أحمق الحيوان وآزر كان من أحمق البشر لأنه بعد أن ظهر له من ولده من الآيات البينات أصر على الكفر حتى مات واقتصر في مسخه على هذا الحيوان لأنه وسط في التشويه بالنسبة إلى ما دونه كالكلب والخنزير وإلى ما فوقه كالأسد مثلا ولان إبراهيم بالغ في الخضوع له وخفض الجناح فأبى واستكبر وأصر على الكفر فعومل بصفة الذل يوم القيامة ولان للضبع عوجا فأشير إلى أن آزر لم يستقم فيؤمن بل استمر على عوجه في الدين وقد استشكل الإسماعيلي هذا الحديث من أصله وطعن في صحته فقال بعد أن أخرجه هذا خبر في صحته نظر من جهة أن إبراهيم علم أن الله لا يخلف الميعاد فكيف يجعل ما صار لأبيه خزيا مع علمه بذلك وقال غيره هذا الحديث مخالف لظاهر قوله تعالى وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعده وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه انتهى والجواب عن ذلك أن أهل التفسير اختلفوا في الوقت الذي تبرأ فيه إبراهيم من أبيه فقيل كان ذلك في الحياة الدنيا لما مات آزر مشركا وهذا أخرجه الطبري من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وإسناده صحيح وفي رواية فلما مات لم يستغفر له ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس نحوه قال استغفر له ما كان حيا فلما مات أمسك وأورده أيضا من طريق مجاهد وقتادة وعمرو بن دينار نحو ذلك وقيل إنما تبرأ منه يوم القيامة لما يئس منه حين مسخ على ما صرح به في رواية ابن المنذر التي أشرت إليها وهذا الذي أخرجه الطبري أيضا من طريق عبد الملك بن أبي سليمان سمعت سعيد بن جبير يقول إن إبراهيم يقول يوم القيامة رب والدي رب والدي فإذا كان الثالثة أخذ بيده فيلتفت إليه وهو ضبعان فيتبرأ منه ومن طريق عبيد بن عمير قال يقول إبراهيم لأبيه إني كنت آمرك في الدنيا وتعصيني ولست تاركك اليوم فخذ بحقوي فيأخذ بضبعيه فيمسخ ضبعا فإذا رآه إبراهيم مسخ تبرأ منه ويمكن الجمع بين القولين بأنه تبرأ منه لما مات مشركا فترك الاستغفار له لكن لما رآه يوم القيامة
(٣٨٤)