أخرى عن جرير بلفظ قال أمرني عبد الرحمن بن أبزي أن سل ابن عباس فذكره وذكر عياض ومن تبعه أنه وقع في رواية أبي عبيد القاسم بن سلام في هذا الحديث من طريق عن سعيد بن جبير أمرني سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي أن أسأل ابن عباس فالحديث من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس ولغيره أمرني بن عبد الرحمن قال وقال بعضهم لعله سقط ابن قبل عبد الرحمن وتصحف من أمرني ويكون الأصل أمر ابن عبد الرحمن ثم لا ينكر سؤال عبد الرحمن واستفادته من ابن عباس فقد سأله من كان أقدم منه وأفقه (قلت) الثابت في الصحيحين وغيرهما من المستخرجات عن سعيد بن جبير أمرني عبد الرحمن بن أبزي أن أسأل ابن عباس فالحديث من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس والذي زاد فيه سعيد بن عبد الرحمن أو ابن عبد الرحمن (قوله عن هاتين الآيتين ومن يقتل مؤمنا متعمدا فسألته فقال لم ينسخها شئ وعن والذين يدعون مع الله إلها آخر قال نزلت في أهل الشرك) هكذا أورده مختصرا وسياق مسلم من هذا الوجه أتم وأتم منهما ما تقدم في المبعث من رواية جرير بلفظ هاتين الآيتين ما أمرهما التي في سورة الفرقان والذين لا يدعون مع الله إلها آخر والتي في سورة النساء ومن يقتل مؤمنا متعمدا قال سألت ابن عباس فقال لما أنزلت التي في سورة قال مشركو مكة قد قتلنا النفس ودعونا مع الله إلها آخر وأتينا الفواحش قال فنزلت إلا من تاب الآية قال فهذه لأولئك قال وأما التي في سورة النساء فهو الذي قد عرف الاسلام ثم قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم لا توبة له قال فذكرت ذلك لمجاهد فقال إلا من ندم وحاصل ما في هذه الروايات أن ابن عباس كان تارة يجعل الآيتين في محل واحد فلذلك يجزم بنسخ إحداهما وتارة يجعل محلهما مختلفا ويمكن الجمع بين كلامية بأن عموم التي في الفرقان خص منها مباشرة المؤمن القتل متعمدا وكثير من السلف يطلقون النسخ على التخصيص وهذا أولى من حمل كلامه على التناقض وأولى من دعوى أنه قال بالنسخ ثم رجع عنه وقول ابن عباس بأن المؤمن إذا قتل مؤمنا متعمدا لا توبة له مشهور عنه وقد جاء عنه في ذلك ما هو أصرح مما تقدم فروى أحمد والطبري من طريق يحيى الجابر والنسائي وابن ماجة من طريق عمار الذهبي كلاهما عن سالم بن أبي الجعد قال كنت عند ابن عباس بعد ما كف بصره فأتاه رجل فقال ما ترى في رجل قتل مؤمنا متعمدا قال جزاؤه جهنم خالدا فيها وساق الآية إلى عظيما قال لقد نزلت في آخر ما نزل وما نسختها شئ حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نزل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفرأيت إن تاب وآمن وعمل عملا صالحا ثم اهتدى قال وأني له التوبة والهدى لفظ يحيى الجابر والآخر نحوه وجاء على وفق ما ذهب إليه ابن عباس في ذلك أحاديث كثيرة منها ما أخرجه أحمد والنسائي من طريق أبي إدريس الخولاني عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا والرجل يقتل مؤمنا متعمدا وقد حمل جمهور السلف وجميع أهل السنة ما ورد من ذلك على التغليظ وصححوا توبة القاتل كغير وقالوا معنى قوله فجزاؤه جهنم أي إن شاء الله أن يجازيه تمسكا بقوله تعالى في سورة النساء أيضا إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن الحجة في ذلك حديث الإسرائيلي الذي قتل تسعة وتسعين نفسا ثم أتى تمام المائة فقال له لا توبة لك فقتله فأكمل به مائة ثم جاء آخر فقال ومن يحول بينك وبين التوبة
(٣٨٠)