مرسل مع ثقة رجاله ويعضده ما أخرجه الطبراني من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال لما مرض عبد الله بن أبي جاءه النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه فقال قد فهمت ما تقول فامتن على فكفني في قميصك وصل على ففعل وكأن عبد الله بن أبي أراد بذلك دفع العار عن ولده وعشيرته بعد موته فأظهر الرغبة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليه ووقعت اجابته إلى سؤاله بحسب ما ظهر من حاله إلى أن كشف الله الغطاء عن ذلك كما سيأتي وهذا من أحسن الأجوبة فيما يتعلق بهذه القصة (قوله فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلى عليه فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم) في حديث ابن عباس عن عمر ثاني حديثي الباب فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حديث الترمذي من هذا الوجه فقام إليه فلما وقف عليه يريد الصلاة عليه وثبت إليه فقلت يا رسول الله أتصلي علي ابن أبي وقد قال يوم كذا كذا وكذا أعدد عليه قوله يشير بذلك إلى مثل قوله لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وإلى مثل قوله ليخرجن الأعز منها الأذل وسيأتي بيانه في تفسير المنافقين (قوله فقال يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه) كذا في هذه الرواية إطلاق النهى عن الصلاة وقد استشكل جدا حتى أقدم بعضهم فقال هذا وهم من بعض رواته وعاكسه غيره فزعم أن عمر اطلع على نهى خاص في ذلك وقال القرطبي لعل ذلك وقع في خاطر عمر فيكون من قبيل الالهام ويحتمل أن يكون فهم ذلك من قوله ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين (قلت) الثاني يعني ما قاله القرطبي أقرب من الأول لأنه لم يتقدم النهى عن الصلاة على المنافقين بدليل أنه قال في آخر هذا الحديث قال فأنزل الله ولا تصل على أحد منهم والذي يظهر أن في رواية الباب تجوزا بينته الرواية التي في الباب بعده من وجه آخر عن عبد الله بن عمر بلفظ فقال تصلي عليه وقد نهاك الله أن تستغفر لهم وروى عبد بن حميد والطبري من طريق الشعبي عن ابن عمر عن عمر قال أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي على عبد الله بن أبي فأخذت بثوبه فقلت والله ما أمرك الله بهذا لقد قال أن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ووقع عند ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس فقال عمر أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه قال أين قال قال استغفر لهم الآية وهذا مثل رواية الباب فكان عمر قد فهم من الآية المذكورة ما هو الأكثر الأغلب من لسان العرب من أن أو ليست لتخيير بل للتسوية في عدم الوصف المذكور أي أن الاستغفار لهم وعدم الاستغفار سواء وهو كقوله تعالى سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لكن الثانية أصرح ولهذا ورد أنها نزلت بعد هذه القصة كما سأذكره وفهم عمر أيضا من قوله سبعين مرة أنها للمبالغة وأن العدد المعين لا مفهوم له بل المراد نفى المغفرة لهم ولو كثر الاستغفار فيحصل من ذلك النهى عن الاستغفار فاطلقه وفهم أيضا أن المقصود الأعظم من الصلاة على الميت طلب المغفرة للميت والشفاعة له فلذلك استلزم عنده النهى عن الاستغفار ترك الصلاة لذلك جاء عنه في هذه الرواية إطلاق النهي عن الصلاة ولهذه الأمور استنكر إرادة الصلاة على عبد الله بن أبي هذا تقرير ما صدر عن عمر مع ما عرف من شدة صلابته في الدين وكثرة بغضه للكفار والمنافقين وهو القائل في حق حاطب بن أبي بلتعة مع ما كان له من الفضل كشهوده بدرا وغير ذلك لكونه كاتب قريشا قبل الفتح دعني يا رسول الله أضرب عنقه فقد
(٢٥٢)