النبي صلى الله عليه وسلم كان بعث أبا بكر بذلك ثم أتبعه عليا فأمره أن يؤذن فكيف يبعث أبو بكر أبا هريرة ومن معه بالتأذين مع صرف الامر عنه في ذلك إلى علي ثم أجاب بما حاصله أن أبا بكر كان الأمير على الناس في تلك الحجة بلا خلاف وكان على هو المأمور بالتأذين بذلك وكأن عليا لم يطق التأذين بذلك وحده واحتاج إلى من يعينه على ذلك فأرسل معه أبو بكر أبا هريرة وغيره ليساعدوه على ذلك ثم ساق من طريق المحرر بن أبي هريرة عن أبيه قال كنت مع علي حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ببراءة إلى أهل مكة فكنت أنادى معه بذلك حتى يصحل صوتي وكان هو ينادي قبلي حتى يعي وأخرجه أحمد أيضا وغيره من طريق محرر بن أبي هريرة فالحاصل أن مباشرة أبي هريرة لذلك كانت بأمر أبي بكر وكان ينادي بما يلقيه إليه على مما أمر بتبليغه (قوله بعد العام) أي بعد الزمان الذي وقع فيه الاعلام بذلك (قوله ولا يطوف) بفتح الفاء عطفا على الحج (قوله قال حميد) هو ابن عبد الرحمن بن عوف (ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلى وأمره أن يؤذن ببراءة) هذا القدر من الحديث مرسل لان حميد لم يدرك ذلك ولا صرح بسماعه له من أبي هريرة لكن قد ثبت إرسال على من عدة طرق فروى الطبري من طريق أبي صالح عن علي قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ببراءة إلى أهل مكة وبعثه على الموسم ثم بعثني في أثره فأدركته فأخذتها منه فقال أبو بكر ملي قال خير أنت صاحبي في الغار وصاحبي على الحوض غير أنه لا يبلغ عنى غيري أو رجل مني ومن طريق عمرو بن عطية عن أبيه عن أبي سعيد مثله ومن طريق العمري عن نافع عن ابن عمر كذلك وروى الترمذي من حديث مقسم عن ابن عباس مثله مطولا وعند الطبراني من حديث أبي رافع نحوه لكن قال فأتاه جبريل فقال أنه لن يؤديها عنك إلا أنت أو رجل منك وروى الترمذي وحسنه وأحمد من حديث أنس قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم براءة مع أبي بكر ثم دعا عليا فأعطاها إياه وقال لا ينبغي لاحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي وهذا يوضح قوله في الحديث الآخر لا يبلغ عني ويعرف منه أن المراد خصوص القصة المذكورة لا مطلق التبليغ وروى سعيد بن منصور والترمذي والنسائي والطبري من طريق أبي إسحاق عن زيد بن يثبع قال سألت عليا بأي شئ بعثت قال بأنه لا يدخل الجنة الا نفس مؤمنة ولا يطوف بالبيت عريان ولا يجتمع مسلم مع مشرك في الحج بعد عامهم هذا ومن كان له عهد فعهده إلى مدته ومن لم يكن له عهد فأربعة أشهر واستدل بهذا الكلام الأخير على أن قوله تعالى فسيحوا في الأرض أربعة أشهر يختص بمن لم يكن له عهد مؤقت أو لم يكن له عهد أصلا وأما من له عهد مؤقت فهو إلى مدته فروى الطبري من طريق ابن إسحاق قال هم صنفان صنف كان له عهد دون أربعة أشهر فأمهل إلى تمام أربعة أشهر وصنف كانت له مدة عهده بغير أجل فقصرت على أربعة أشهر وروى أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن الأربعة الأشهر أجل من كان له عهد مؤقت بقدرها أو يزيد عليها وأما من ليس له عهد فانقضاؤه إلى سلخ المحرم لقوله تعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين ومن طريق عبيدة بن سلمان سمعت الضحاك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاهد ناسا من المشركين من أهل مكة وغيرهم فنزلت براءة فنبذ إلى كل أحد عهده وأجلهم أربعة أشهر ومن لا عهد له فأجله انقضاء الأشهر الحرم ومن طريق السدي نحوه ومن طريق معمر عن الزهري قال كان أول الأربعة أشهر عند نزول براءة في شوال فكان
(٢٣٩)