حتى بقي وحده الحديث ويجمع بين قوله حتى بقي وحده وبين الأخبار الدالة على أنه بقي معه جماعة بأن المراد بقي وحده متقدما مقبلا على العدو والذين ثبتوا معه كانوا وراءه أو الوحدة بالنسبة لمباشرة القتال وأبو سفيان بن الحرث وغيره كانوا يخدمونه في إمساك البغلة ونحو ذلك ووقع في رواية أبي نعيم في الدلائل تفصيل المائة بضعة وثلاثون من المهاجرين والبقية من الأنصار ومن النساء أم سليم وأم حارثة (قوله وأبو سفيان بن الحرث) أي ابن عبد المطلب بن هاشم وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وكان إسلامه قبل فتح مكة لأنه خرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه في الطريق وهو سائر إلى فتح مكة فأسلم وحسن إسلامه وخرج إلى غزوة حنين فكان فيمن ثبت وعند ابن أبي شيبة من مرسل الحكم بن عتيبة قال لما فر الناس يوم حنين جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب فلم يبق معه إلا أربعة نفر ثلاثة من بني هاشم ورجل من غيرهم على والعباس بين يديه وأبو سفيان بن الحرث آخذ بالعنان وابن مسعود من الجانب الأيسر قال وليس يقبل نحوه أحد إلا قتل وروى الترمذي من حديث ابن عمر بإسناد حسن قال لقد رأيتنا يوم حنين وإن الناس لمولين وما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة رجل وهذا أكثر ما وقفت عليه من عدد من ثبت يوم حنين وروى أحمد والحاكم من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين فولى عنه الناس وثبت معه ثمانون رجلا من المهاجرين والأنصار فكنا على أقدامنا ولم نولهم الدبر وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة وهذا لا يخالف حديث ابن عمر فأنه نفى أن يكونوا مائة وابن مسعود أثبت أنهم كانوا ثمانين وأما ما ذكره النووي في شرح مسلم أنه ثبت معه اثنا عشر رجلا فكأنه أخذه مما ذكره ابن إسحاق في حديثه أنه ثبت معه العباس وابنه الفضل وعلي وأبو سفيان بن الحرث وأخوه ربيعة وأسامة بن زيد وأخوه من أمه أيمن بن أم أيمن ومن المهاجرين أبو بكر وعمر فهؤلاء تسعة وقد تقدم ذكر ابن مسعود في مرسل الحاكم فهؤلاء عشرة ووقع في شعر العباس بن عبد المطلب أن الذين ثبتوا كانوا عشرة فقط وذلك قوله نصرنا رسول الله في الحرب تسعة * وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا وعاشرنا وافى الحمام بنفسه * لما مسه في الله لا يتوجع ولعل هذا هو الثبت ومن زاد على ذلك يكون عجل في الرجوع فعد فيمن لم ينهزم وممن ذكر الزبير بن بكار وغيره أنه ثبت يوم حنين أيضا جعفر بن أبي سفيان بن الحرث وقثم بن العباس وعتبة ومعتب ابنا أبي لهب وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب ونوفل بن الحرث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب وشيبة بن عثمان الحجي فقد ثبت عنه أنه لما رأى الناس قد انهزموا استدبر النبي صلى الله عليه وسلم ليقتله فأقبل عليه فضربه في صدره وقال له قاتل الكفار فقاتلهم حتى انهزموا قال الطبري الانهزام المنهي عنه هو ما وقع على غير نية العود وأما الاستطراد للكثرة فهو كالتحيز إلى فئة (قوله أخذ برأس بغلته) في رواية زهير فأقبلوا أي المشركون هنالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته البيضاء وابن عمه أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب يقود به فنزل واستنصر قال العلماء في ركوبه صلى الله عليه وسلم البغلة يومئذ دلالة على النهاية في الشجاعة والثبات وقوله فنزل أي عن البغلة فاستنصر أي قال اللهم أنزل نصرك وقع مصرحا به في رواية
(٢٣)