قومه الا ان في مسند أحمد أنه كتب من تبوك إلى النبي صلى الله عليه وسلم انى مسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم كذب بل هو على نصرانيته وفى كتاب الأموال لأبي عبيد بسند صحيح من مرسل بكر بن عبد الله المزنى نحوه ولفظه فقال كذب عدو الله ليس بمسلم فعلى هذا اطلاق صاحب الاستيعاب انه آمن أي أظهر التصديق لكنه لم يستمر عليه ويعمل بمقتضاه بل شح بملكه وآثر الفانية على الباقية والله الموفق (قوله ثم دعا) أي من وكل ذلك إليه ولهذا عدى إلى الكتاب بالباء والله أعلم (قوله دحية) بكسر الدال وحكى فتحها لغتان ويقال انه الرئيس بلغة أهل اليمن وهو ابن خليفة الكلبي صحابي جليل كان أحسن الناس وجها وأسلم قديما وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم في آخر سنة ست بعد ان رجع من الحديبية بكتابه إلى هرقل وكان وصوله إلى هرقل في المحرم سنة سبع قاله الواقدي ووقع في تاريخ خليفة ان ارسال الكتاب إلى هرقل كان سنة خمس والأول أثبت بل هذا غلط لتصريح أبي سفيان بان ذلك كان في مدة الهدنة والهدنة كانت في آخر سنة ست اتفاقا ومات دحية في خلافة معاوية وبصرى بضم أوله والقصر مدينة بين المدينة ودمشق وقيل هي حوران وعظيمها هو الحرث بن أبي شمر الغساني وفى الصحابة لابن السكن أنه أرسل بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل مع عدى بن حاتم وكان عدى إذ ذاك نصرانيا فوصل به هو ودحية معا وكانت وفاة الحرث المذكور عام الفتح (قوله من محمد) فيه أن السنة ان يبدأ الكتاب بنفسه وهو قول الجمهور بل حكى في النحاس اجماع الصحابة والحق اثبات الخلاف وفيه ان من التي لابتداء الغاية تأتى من غير الزمان والمكان كذا قاله أبو حيان والظاهر أنها هنا أيضا لم تخرج عن ذلك لكن بارتكاب مجاز زاد في حديث دحية وعنده ابن أخ له أحمر أزرق سبط الرأس وفيه لما قرأ الكتاب سخر فقال لا تقرأه انه بدأ بنفسه فقال قيصر لتقرأنه فقرأه وقد ذكر البزار في مسنده عن دحية الكلبي انه هو ناول الكتاب لقيصر ولفظه بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه إلى قيصر فأعطيته الكتاب (قوله عظيم الروم) فيه عدول عن ذكره بالملك أو الامرة لأنه معزول بحكم الاسلام لكنه لم يخله من اكرام لمصلحة التألف وفى حديث دحية ان ابن أخي قيصر أنكر أيضا كونه لم يقل ملك الروم (قوله سلام على من اتبع الهدى) في رواية المصنف في الاستئذان السلام بالتعريف وقد ذكرت في قصة موسى وهرون مع فرعون وظاهر السياق يدل على أنه من جملة ما أمرا به ان يقولاه فان قيل كيف يبدأ الكافر بالسلام فالجواب ان المفسرين قالوا ليس المراد من هذا التحية انما معناه سلم من عذاب الله من أسلم ولهذا جاء بعده ان العذاب على من كذب وتولى وكذا جاء في بقية هذا الكتاب بالسلام قصدا وإن كان اللفظ يشعر به لكنه لم يدخل في المراد لأنه ليس ممن اتبع الهدى فلم يسلم عليه (قوله أما بعد) في قوله اما معنى الشرط وتستعمل لتفصيل ما يذكر بعدها غالبا وقد ترد مستأنفة لا لتفصيل كالتي هنا وللتفصيل والتقرير وقال الكرماني هي هنا اما الابتداء فهو اسم الله واما المكتوب فهو من محمد رسول الله الخ كذا قال ولفظة بعد مبنية على الضم وكان الأصل ان يفتح لو استمرت على الإضافة لكنها قطعت عن الإضافة فبينت على الضم وسيأتى مزيد في الكلام عليها في كتاب الجمعة (قوله بدعاية الاسلام) بكسر الدال من قولك دعا يدعو دعاية نحو شكى يشكو شكاية ولمسلم بداعية الاسلام أي بالكلمة الداعية إلى الاسلام وهى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا
(٣٥)