قال لا إذا حدثت رجلا فلم ينظر إليك لم يكن منصتا انتهى وهذا محمول على الغالب والله أعلم (قوله باب ما يستحب للعالم إذا سئل أي الناس أعلم) أي من غيره والفاء في قوله فيكل تفسيرية بناء على أن فعل المضارع بتقدير المصدر أي ما يستحب عند السؤال هو الوكول وفى رواية ان يكل وهو أوضح (قوله حدثنا عبد الله بن محمد) هو الجعفي المسندي وسفيان هو ابن عيينة وعمرو هو ابن دينار ونوف بفتح النون وبالفاء والبكالي بفتح الموحدة وكسرها وتخفيف الكاف ووهم من شددها منسوب إلى بكال بطن من حمير ووهم من قال إنه منسوب إلى بكيل بكسر الكاف بطن من همذان لأنهما متغايران ونوف المذكور تابعي من أهل دمشق فاضل عالم لا سيما بالإسرائيليات وكان ابن امرأة كعب الأحبار وقيل غير ذلك (قوله إن موسى) أي صاحب الخضر وصرح به المصنف في التفسير (قوله انما هو موسى آخر) كذا في روايتنا بغير تنوين فيهما وهو علم على شخص معين قالوا إنه موسى بن ميشا بكسر الميم وبالشين المعجمة وجزم بعضهم انه منون مصروف لأنه نكرة ونقل عن ابن مالك انه جعله مثالا للعلم إذا نكر تخفيفا قال وفيه بحث (قوله كذب عدو الله) قال ابن التين لم يرد ابن عباس اخراج نوف عن ولاية الله ولكن قلوب العلماء تنفر إذا سمعت غير الحق فيطلقون أمثال هذا الكلام لقصد الزجر والتحذير منه وحقيقته غير مرادة (قلت) ويجوز ان يكون ابن عباس اتهم نوفا في صحة اسلامه فلهذا لم يقل في حق الحر بن قيس هذه المقالة مع تواردهما عليها واما تكذيبه فيستفاد منه ان للعالم إذا كان عنده علم بشئ فسمع غيره يذكر فيه شيئا بغير علم أن يكذبه ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم كذب أبو السنابل أي أخبر بما هو باطل في نفس الامر (قوله حدثني أبي بن كعب) في استدلاله بذلك دليل على قوة خبر الواحد المتقن عنده حيث يطلق مثل هذا الكلام في حق من خالفه وفى الاسناد رواية تابعي عن تابعي وهما عمرو وسعيد وصحابي عن صحابي وهما ابن عباس وأبى (قوله فقال أنا أعلم) في جواب أي الناس أعلم قيل إنه مخالف لقوله في الرواية السابقة في باب الخروج في طلب العلم قال هل تعلم أحدا أعلم منك وعندي لا مخالفة بينهما لان قوله هنا أنا أعلم أي فيما أعلم فيطابق قوله لا في جواب من قال له هل تعلم أحدا أعلم منك في اسناد ذلك إلى علمه لا إلى ما في نفس الامر وعند النسائي من طريق عبد الله بن عبيد عن سعيد بن جبير بهذا السند قام موسى خطيبا فعرض في نفسه أن أحدا لم يؤت من العلم ما أوتى وعلم الله بما حدث به نفسه فقال يا موسى ان من عبادي من آتيته من العلم ما لم أوتك وعند عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير فقال ما أجد أعلم بالله وأمره منى وهو عند مسلم من وجه آخر عن أبي إسحاق بلفظ ما أعلم في الأرض رجلا أخير أو أعلم منى قال ابن المنير ظن ابن بطال ان ترك موسى الجواب عن هذه المسئلة كان أولى قال وعندي انه ليس كذلك بل رد العلم إلى الله تعالى متعين أجاب أو لم يجب فلو قال موسى عليه السلام أنا والله أعلم لم تحصل المعاتبة وانما عوتب على اقتصاره على ذلك أي لان الجزم يوهم أنه كذلك في نفس الامر وانما مراده الاخبار بما في علمه كما قدمناه والعتب من الله تعالى محمول على ما يليق به لا على معناه العرفي في الآدميين كنظائره (قوله هو أعلم منك) ظاهر في أن الخضر نبي بل نبي مرسل إذا لو لم يكن كذلك للزم تفضيل العالي على الاعلى وهو باطل من القول ولهذا أورد الزمخشري سؤالا وهو دلت حاجة موسى إلى التعليم من غيره انه موسى بن ميشا كما قيل إذ النبي يجب أن يكون أعلم
(١٩٤)