عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال انما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة واستنبط بعض العلماء من قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة ايجاب النية في الوضوء لان التقدير إذا أردتم القيام إلى الصلاة فتوضؤا لأجلها ومثله قولهم إذا رأيت الأمير فقم أي لأجله وتمسك بهذه الآية من قال إن الوضوء أول ما فرض بالمدينة فاما ما قبل ذلك فنقل ابن عبد البر اتفاق أهل السير على أن غسل الجنابة انما فرض على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة كما فرضت الصلاة وانه لم يصل قط الا بوضوء قال وهذا مما لا يجهله عالم وقال الحاكم في المستدرك وأهل السنة بهم حاجة إلى دليل الرد على من زعم أن الوضوء لم يكن قبل نزول آية المائدة ثم ساق حديث ابن عباس دخلت فاطمة على النبي صلى الله عليه وسلم وهى تبكى فقالت هؤلاء الملأ من قريش قد تعاهدوا ليقتلوك فقال ائتوني بوضوء فتوضأ الحديث (قلت) وهذا يصلح ردا على من أنكر وجود الوضوء قبل الهجرة لا على من أنكر وجوبه حينئذ وقد جزم ابن الجهم المالكي بأنه كان قبل الهجرة مندوبا وجزم ابن حزم بأنه لم يشرع الا بالمدينة ورد عليهما بما أخرجه ابن لهيعة في المغازي التي يرويها عن أبي الأسود يتيم عروة عنه ان جبريل علم النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء عند نزوله عليه بالوحي وهو مرسل ووصله أحمد من طريق ابن لهيعة أيضا لكن قال عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد عن أبيه وأخرجه ابن ماجة من رواية رشدين بن سعد عن عقيل عن الزهري نحوه لكن لم يذكر زيد بن حارثة في السند وأخرجه الطبراني في الأوسط من طريق الليث عن عقيل موصولا ولو ثبت لكان على شرط الصحيح لكن المعروف رواية ابن لهيعة (قوله وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن فرض الوضوء مرة مرة) كذا في روايتنا بالرفع على الخبرية ويجوز النصب على أنه مفعول مطلق أي فرض الوضوء غسل الأعضاء غسلا مرة مرة أو على الحال السادة مسد الخبر أي يفعل مرة أو على لغة من ينصب الجزأين بان وأعاد لفظ مرة لإرادة التفصيل أي الوجه مرة واليد مرة الخ والبيان المذكور يحتمل أن يشير به إلى ما رواه بعد من حديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة وهو بيان بالفعل لمجمل الآية إذ الامر يفيد طلب ايجاد الحقيقة ولا يتعين بعدد فبين الشارع ان المرة الواحدة للايجاب وما زاد عليها للاستحباب وستأتي الأحاديث على ذلك فيما بعد وأما حديث أبي ابن كعب ان النبي صلى الله عليه وسلم دعا بماء فتوضأ مرة مرة وقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به ففيه بيان الفعل والقول معا لكنه حديث ضعيف أخرجه ابن ماجة وله طرق أخرى كلها ضعيفة (قوله وتوضأ أيضا مرتين مرتين) كذا في رواية أبي ذر ولغيره مرتين بغير تكرار وسيأتي هذا التعليق موصولا في باب مفرد مع الكلام عليه (قوله وثلاثا) أي وتوضأ أيضا ثلاثا زاد الأصيلي ثلاثا على نسق ما قبله وسيأتي موصولا أيضا في باب مفرد (قوله ولم يزد على ثلاث) أي لم يأت في شئ من الأحاديث المرفوعة في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم انه زاد على ثلاث بل ورد عنه صلى الله عليه وسلم ذم من زاد عليها وذلك فيما رواه أبو داود وغيره من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا ثم قال من زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم اسناده جيد لكن عده مسلم في جملة ما أنكر على عمرو بن شعيب لان ظاهره ذم النقص من الثلاث وأجيب بأنه أمر سيئ والإساءة تتعلق بالنقص والظلم بالزيادة وقيل فيه حذف تقديره من نقص من واحدة ويؤيده ما رواه نعيم بن حماد من طريق المطلب بن حنطب مرفوعا الوضوء مرة ومرتين
(٢٠٥)