طريق الحكاية حيث قال أكثر أبو هريرة ولم يقل أكثرت (قوله ولولا آيتان) مقول قال لا مقول يقولون وقوله ثم يتلو مقول الأعرج وذكره بلفظ المضارع استحضارا لصورة التلاوة ومعناه لولا أن الله ذم الكاتمين للعلم ما حدث أصلا لكن لما كان الكتمان حراما وجب الاظهار فلهذا حصلت الكثرة لكثرة ما عنده ثم ذكر سبب الكثرة بقوله ان اخواننا وأراد بصيغة الجمع نفسه وأمثاله والمراد بالاخوة اخوة الاسلام (قوله يشغلهم) بفتح أوله من الثلاثي وحكى ضمه وهو شاذ (قوله الصفق) باسكان الفاء هو ضرب اليد على اليد وجرت به عادتهم عند عقد البيع (قوله في أموالهم) أي القيام على مصالح زرعهم ولمسلم كان يشغلهم عمل أرضيهم ولابن سعد كان يشغلهم القيام على أرضيهم (قوله وان أبا هريرة) فيه التفات إذ كان نسق الكلام أن يقول وأنى (قوله لشبع) بلام التعليل للأكثر وهو الثابت في غير البخاري أيضا وللاصيلى بشبع بموحدة أوله وزاد المصنف في البيوع وكنت امرأ مسكينا من مساكين الصفة (قوله ويحضر) أي من الأحوال (ويحفظ) أي من الأقوال وهما معطوفان على قوله يلزم وقد روى البخاري في التاريخ والحاكم في المستدرك من حديث طلحة بن عبيد الله شاهدا لحديث أبي هريرة هذا ولفظه لا أشك أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا نسمع وذلك أنه كان مسكينا لا شئ له ضيفا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج البخاري في التاريخ والبيهقي في المدخل من حديث محمد بن عمارة بن حزم انه قعد في مجلس فيه مشيخة من الصحابة بضعة عشر رجلا فجعل أبو هريرة يحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديث فلا يعرفه بعضهم فيراجعون فيه حتى يعرفوه ثم يحدثهم بالحديث كذلك حتى فعل مرارا فعرفت يومئذ ان أبا هريرة أحفظ الناس وأخرج أحمد والترمذي عن ابن عمر أنه قال لأبي هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرفنا بحديثه قال الترمذي حسن واختلف في اسناد هذا الحديث على الزهري فرواه مالك عنه كذا ووافقه إبراهيم بن سعد وسفيان بن عيينة ورواه شعيب عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبى سلمة بن عبد الرحمن كلاهما عن أبي هريرة وتابعه يونس بن يزيد والاسنادان جميعا محفوظا صححهما الشيخان وزادوا في روايتهم عن الزهري شيئا سنذكره في هذا الحديث الثاني (قوله حدثنا أحمد بن أبي بكر) هو الزهري المدني صاحب مالك وسقط قوله أبو مصعب من رواية الأصيلي وأبي ذر وهو تكنيته انتهى والاسناد كله مدنيون أيضا وكذا الذي بعده (قوله كثيرا) هو صفة لقوله حديثا لأنه اسم جنس (قوله فغرف) لم يذكر المغروف منه وكأنها كانت إشارة محضة (قوله ضم) وللكشمهيني والباقين ضمه وهو بفتح الميم ويجوز ضمها وقيل يتعين لأجل ضمه الهاء ويجوز كسرها لكن مع اسكان الهاء وكسرها (قوله فما نسيت شيئا بعد) هو مقطوع الإضافة مبنى على الضم وتنكير شيئا بعد النفي ظاهر العموم في عدم النسيان منه لكل شئ من الحديث وغيره ووقع في رواية ابن عيينة وغيره عن الزهري في الحديث الماضي فوالذي بعثه بالحق ما نسيت شيئا سمعته منه وفى رواية يونس عند مسلم فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئا حدثني به وهذا يقتضى تخصيص عدم النسيان بالحديث ووقع في رواية شعيب فما نسيت من مقالته تلك من شئ وهذا يقتضى عدم النسيان بتلك المقالة فقط لكن سياق الكلام يقتضى ترجيح رواية يونس ومن وافقه لان أبا هريرة نبه به على كثرة محفوظه من الحديث فلا يصح حمله على تلك المقالة وحدها
(١٩١)