فوضح انها للاضراب وليس معناه الانكار بل المعنى أن اطلاق المسلم على من لم يختبر حاله الخبرة الباطنة أولى من اطلاق المؤمن لان الاسلام معلوم بحكم الظاهر قاله الشيخ محيي الدين ملخصا وتعقبه الكرماني بأنه يلزم منه أن لا يكون الحديث دالا على ما عقد له الباب ولا يكون لرد الرسول صلى الله عليه وسلم على سعد فائدة وهو تعقب مردود وقد بينا وجه المطابقة بين الحديث والترجمة قبل ومحصل القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوسع العطاء لمن أظهر الاسلام تألفا فلما أعطى الرهط وهم من المؤلفة وترك جعيلا وهو من المهاجرين مع أن الجميع سألوه خاطبه سعد في أمره لأنه كان يرى أن جعيلا أحق منهم لما اختبره منه دونهم ولهذا راجع فيه أكثر من مرة فارشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمرين أحدهما اعلامه بالحكمة في اعطاء أولئك وحرمان جعيل مع كونه أحب إليه ممن أعطى لأنه لو ترك اعطاء المؤلف لم يؤمن ارتداده فيكون من أهل النار ثانيهما ارشاده إلى التوقف عن الثناء بالامر الباطن دون الثناء بالامر الظاهر فوضح بهذا فائدة رد الرسول صلى الله عليه وسلم على سعد وانه لا يستلزم محض الانكار عليه بل كان أحد الجوابين على طريق المشورة بالأولى والآخر على طريق الاعتذار فان قيل كيف لم تقبل شهادة سعد لجعيل بالايمان ولو شهد له بالعدالة لقبل منه وهى تستلزم الايمان فالجواب ان كلام سعد لم يخرج مخرج الشهادة وانما خرج مخرج المدح له والتوسل في الطلب لأجله فلهذا نوقش في لفظه حتى ولو كان بلفظ الشهادة لما استلزمت المشورة عليه بالامر الأولى رد شهادته بل السياق يرشد إلى أنه قبل قوله فيه بدليل أنه اعتذر إليه وروينا في مسند محمد بن هارون الروياني وغيره باسناد صحيح إلى أبى سالم الجيشاني عن أبي ذر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له كيف ترى جعيلا قال قلت كشكله من الناس يعنى المهاجرين قال فكيف ترى فلانا قال قلت سيد من سادات الناس قال فجعيل خير من ملء الأرض من فلان قال قلت ففلان هكذا وأنت تصنع به ما تصنع قال إنه رأس قومه فانا أتألفهم به فهذه منزله جعيل المذكور عند النبي صلى الله عليه وسلم كما ترى فظهرت بهذا الحكمة في حرمانه واعطاء غيره وان ذلك لمصلحة التأليف كما قررناه وفى حديث الباب من الفوائد المتفرقة بين حقيقتي الايمان والاسلام وترك القطع بالايمان الكامل لمن لم ينص عليه وأما منع القطع بالجنة فلا يؤخذ من هذا صريحا وان تعرض له بعض الشارحين نعم هو كذلك فيمن لم يثبت فيه النص وفيه الرد على غلاة المرجئة في اكتفائهم في الايمان بنطق اللسان وفيه جواز تصرف الامام في مال المصالح وتقديم الأهم فالأهم وان خفى وجه ذلك على بعض الرعية وفيه جواز الشفاعة عند الامام فيما يعتقد الشافع جوازه وتنبيه الصغير للكبير على ما يظن أنه ذهل عنه ومراجعة المشفوع إليه في الامر إذا لم يؤد إلى مفسدة وان الاسرار بالنصيحة أولى من الاعلان كما ستأتي الإشارة إليه في كتاب الزكاة فقمت إليه فساررته وقد يتعين إذا جر الاعلان إلى مفسدة وفيه ان من أشير عليه بما يعتقده المشير مصلحة لا ينكر عليه بل يبين له وجه الصواب وفيه الاعتذار إلى الشافع إذا كانت المصلحة في ترك اجابته وأن لا عيب على الشافع إذا ردت شفاعته لذلك وفيه استحباب ترك الالحاح في السؤال كما استنبطه المؤلف منه في الزكاة وسيأتى تقريره هناك إن شاء الله تعالى (قوله انى لأعطى الرجل) حذف المفعول الثاني للتعميم أي أي عطاء كان (قوله أعجب إلى) في رواية الكشمهيني أحب وكذا لأكثر الرواة ووقع عند
(٧٥)