وهذا يدل على أنه عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم (قلت) أما على قول ابن الكلبي فيستحيل أن يكون هو صاحب هذه القصة لتقدم وقعة بدر على هذه القصة بمدة طويلة بلا خلاف فكيف يحضر هذه القصة بعد قتله وأما على قول غير ابن الكلبي فيحتمل أن يكون هو لكن لا يلزم من كونه له رواية أن يكون عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم لاحتمال أن تكون الرواية عنه منقطعة أو متصلة لكن نقلها عنه صحابي آخر ونحوه وعلى هذا فلا منافاة بين هذا وبين من قال إنه قتل ببدر الا أن تجئ رواية عن تابعي غير مخضرم وصرح فيها بسماعه منه فحينئذ يلزم أن يكون عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم لكن لا يلزم أن يكون هو صاحب هذه القصة الا ان وردت رواية مخصوصة بذلك ولم أقف عليها إلى الآن (قوله أصابتني جنابة ولا ماء) بفتح الهمزة أي معي أو موجود وهو أبلغ في إقامة عذره وفى هذه القصة مشروعية تيمم الجنب وسيأتي القول فيه في الباب الذي بعده وفيها جواز الاجتهاد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم لان سياق القصة يدل على أن التيمم كان معلوما عندهم لكنه صريح في الآية عن الحدث الأصغر بناء على أن المراد بالملامسة ما دون الجماع وأما الحدث الأكبر فليست صريحة فيه فكأنه كان يعتقد أن الجنب لا يتيمم فعمل بذلك مع قدرته على أن يسال النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الحكم ويحتمل أنه كان لا يعلم مشروعية التيمم أصلا فكان حكمه حكم فاقد الطهورين ويؤخذ من هذه القصة ان للعالم إذا رأى فعلا محتملا أن يسال فاعله عن الحال فيه ليوضح له وجه الصواب وفيه التحريض على الصلاة في الجماعة وان ترك الشخص الصلاة بحضرة المصلين معيب على فاعله بغير عذر وفيه حسن الملاطفة والرفق في الانكار (قوله عليك بالصعيد) وفى رواية سلم بن زرير فامره أن يتيمم بالصعيد واللام فيه للعهد المذكور في الآية الكريمة ويؤخذ منه الاكتفاء في البيان بما يحصل به المقصود من الافهام لأنه احاله على الكيفية المعلومة من الآية ولم يصرح له بها ودل قوله يكفيك على أن المتيمم في مثل هذه الحالة لا يلزمه القضاء ويحتمل أن يكون المراد بقوله يكفيك أي للأداء فلا يدل على ترك القضاء (قوله فدعا فلانا) هو عمران بن حصين ويدل على ذلك قوله في رواية سلم بن زرير عند مسلم ثم عجلني النبي صلى الله عليه وسلم في ركب بين يديه نطلب الماء ودلت هذه الرواية على أنه كان هو وعلى فقط لأنهما خوطبا بلفظ التثنية ويحتمل أنه كان معهما غيرهما على سبيل التبعية لهما فيتجه اطلاق لفظ ركب في رواية مسلم وخصا بالخطاب لأنهما المقصودان بالارسال (قوله فابتغيا) وللاصيلى فابغيا ولأحمد فابغيانا والمراد الطلب يقال ابتغ الشئ أي تطلبه وابغ الشئ أي اطلبه وابغني أي اطلب لي وفيه الجري على العادة في طلب الماء وغيره دون الوقوف عند خرقها وان التسبب في ذلك غير قادح في التوكل (قوله بين مزادتين) المزادة بفتح الميم والزاي قربة كبيرة يزاد فيها جلد من غيرها وتسمى أيضا السطيحة وأو هنا شك من عوف لخلو رواية مسلم عن أبي رجاء عنها وفى رواية مسلم فإذا نحن بامرأة سادلة أي مدلية رجليها بين مزادتين والمراد بهما الراوية (قوله أمس) خبر لمبتدأ وهو مبنى على الكسر وهذه الساعة بالنصب على الظرفية وقال ابن مالك أصله في مثل هذه الساعة فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه أي بعد حذف في (قوله ونفرنا) قال ابن سيده النفر ما دون العشرة وقيل النفر الناس عن كراع (قلت) وهو اللائق هنا لأنها أرادت ان رجالها تخلفوا لطلب الماء
(٣٨٢)