من لم يكن مستغرقا لأنا نقول يحتمل أن يقال كان قلبه صلى الله عليه وسلم إذ ذاك مستغرقا بالوحي ولا يلزم مع ذلك وصفه بالنوم كما كان يستغرق صلى الله عليه وسلم حالة القاء الوحي في اليقظة وتكون الحكمة في ذلك بيان التشريع بالفعل لأنه أوقع في النفس كما في قضية سهوه في الصلاة وقريب من هذا جواب ابن المنير أن القلب قد يحصل له السهو في اليقظة لمصلحة التشريع ففي النوم بطريق الأولى أو على السواء وقد أجيب على أصل الاشكال بأجوبة أخرى ضعيفة منها أن معنى قوله لا ينام قلبي أي لا يخفى عليه حالة انتقاض وضوئه ومنها ان معناه لا يستغرق بالنوم حتى يوجد منه الحدث وهذا قريب من الذي قبله قال ابن دقيق العبد كأن قائل هذا أراد تخصيص يقظة القلب بادراك حالة الانتقاض وذلك بعيد وذلك أن قوله صلى الله عليه وسلم ان عيني تنامان ولا ينام قلبي خرج جوابا عن قول عائشة أتنام قبل أن توتر وهذا كلام لا تعلق له بانتفاض الطهارة الذي تكلموا فيه وانما هو جواب يتعلق بأمر الوتر فتحمل يقظته على تعلق القلب باليقظة للوتر وفرق بين من شرع في النوم مطمئن القلب به وبين من شرع فيه متعلقا باليقظة قال فعلى هذا فلا تعارض ولا اشكال في حديث النوم حتى طلعت الشمس لأنه يحمل على أنه اطمأن في نومه لما أوجبه تعب السير معتمدا على من وكله بكلاءة الفجر اه والله أعلم ومحصلة تخصيص اليقظة المفهومة من قوله ولا ينام قلبي بادراكه وقت الوتر ادراكا معنويا لتعلقه به وان نومه في حديث الباب كان نوما مستغرقا ويؤيده قول بلال له أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك كما في حديث أبي هريرة عند مسلم ولم ينكر عليه ومعلوم ان نوم بلال كان مستغرقا وقد اعترض عليه بان ما قاله يقتضى اعتبار خصوص السبب وأجاب بأنه يعتبر إذا قامت عليه قرينة وأرشد إليه السياق وهو هنا كذلك ومن الأجوبة الضعيفة أيضا قول من قال كان قلبه يقظانا وعلم بخروج الوقت لكن ترك اعلامهم بذلك عمدا لمصلحة التشريع وقول من قال المراد بنفي النوم عن قلبه انه لا يطرأ عليه أضغاث أحلام كما يطرأ على غيره بل كل ما يراه في نومه حق ووحى فهذه عدة أجوبة أقربها إلى الصواب الأول على الوجه الذي قررناه والله المستعان * (فائدة) * قال القرطبي أخذ بهذا بعض العلماء فقال من انتبه من نوم عن صلاة فاتته في سفر فليتحول عن موضعه وإن كان واديا فيخرج عنه وقيل انما يلزم في ذلك الوادي بعينه وقيل هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يعلم من حال ذلك الوادي ولا غيره ذلك الا هو وقال غيره يؤخذ منه ان من حصلت له غفلة في مكان عن عبادة استحب له التحول منه ومنه أمر الناعس في سماع الخطبة يوم الجمعة بالتحول من مكانه إلى مكان آخر (قوله فسار غير بعيد) يدل على أن الارتحال المذكور وقع على خلاف سيرهم المعتاد (قوله ونودي بالصلاة) استدل به على الاذان للفوائت وتعقب بان النداء أعم من الاذان فيحتمل أن يراد به هنا الإقامة وأجيب بان في رواية مسلم من حديث أبي قتادة التصريح بالتأذين وكذا هو عند المصنف في أواخر المواقيت وترجم له خاصة بذلك كما سيأتي (قوله فصلى بالناس) فيه مشروعية الجماعة في الفوائت (قوله إذا هو برجل) لم أقف على تسميته ووقع في شرح العمدة للشيخ سراج الدين بن الملقن ما نصه هذا الرجل هو خلاد ابن رافع بن مالك الأنصاري أخو رفاعة شهد بدرا قال ابن الكلبي وقتل يومئذ وقال غيره له رواية
(٣٨١)