وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المدينة طيبة فدل على أن السبخة داخلة في الطيب ولم يخالف في ذلك الا إسحاق بن راهويه (قوله حدثنا مسدد) زاد أبو ذر ابن مسرهد ويحيى بن سعيد هو القطان وعوف بالفاء هو الاعرابى وأبو رجاء هو العطاردي وعمران هو ابن حصين وكلهم بصريون (قوله كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم) اختلف في تعيين هذا السفر ففي مسلم من حديث أبي هريرة انه وقع عند رجوعهم من خيبر قريب من هذه القصة وفى أبى داود من حديث ابن مسعود أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية ليلا فنزل فقال من يكلؤنا فقال بلال انا الحديث وفى الموطأ عن زيد بن أسلم مرسلا عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة ووكل بلالا وفى مصنف عبد الرزاق عن عطاء بن يسار مرسلا ان ذلك كان بطريق تبوك وللبيهقي في الدلائل نحوه من حديث عقبة بن عامر وروى مسلم من حديث أبي قتادة مطولا والبخاري مختصرا في الصلاة قصة نومهم عن صلاة الصبح أيضا في السفر لكن لم يعينه ووقع في رواية لأبي داود أن ذلك كان في غزوة جيش الامراء وتعقبه ابن عبد البر بان غزوة جيش الامراء هي غزوة موتة ولم يشهدها النبي صلى الله عليه وسلم وهو كما قال لكن يحتمل أن يكون المراد بغزوة جيش الامراء غزوة أخرى غير غزوة مؤتة وقد اختلف العلماء هل كان ذلك مرة أو أكثر أعنى نومهم عن صلاة الصبح فجزم الأصيلي بان القصة واحدة وتعقبه القاضي عياض بان قصة أبى قتادة مغايرة لقصة عمران بن حصين وهو كما قال فان قصة أبى قتادة فيها أن أبا بكر وعمر لم يكونا مع النبي صلى الله عليه وسلم لما نام وقصة عمران فيها انهما كانا معه كما سنبينه وأيضا فقصة عمر ان فيها ان أول من استيقظ أبو بكر ولم يستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم حتى أيقظه عمر بالتكبير وقصة أبى قتادة فيها ان أول من استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وفى القصتين غير ذلك من وجوه المغايرات ومع ذلك فالجمع بينهما ممكن لا سيما ما وقع عند مسلم وغيره ان عبد الله بن رباح راوي الحديث عن أبي قتادة ذكر أن عمران بن حصين سمعه وهو يحدث بالحديث بطوله فقال له انظر كيف تحدث فانى كنت شاهدا القصة قال فما أنكر عليه من الحديث شيئا فهذا يدل على اتحادها لكن لمدعى التعدد أن يقول يحتمل أن يكون عمران حضر القصتين فحدث بإحداهما وصدق عبد الله بن رباح لما حدث عن أبي قتادة بالأخرى والله أعلم ومما يدل على تعدد القصة اختلاف مواطنها كما قدمناه وحاول ابن عبد البر الجمع بينهما بان زمان رجوعهم من خيبر قريب من زمان رجوعهم من الحديبية وان اسم طريق مكة يصدق عليهما ولا يخفى ما فيه من التكلف ورواية عبد الرزاق بتعيين غزوة تبوك ترد عليه وروى الطبراني من حديث عمرو بن أمية شبيها بقصة عمران وفيه أن الذي كلأ لهم الفجر ذو مخبر وهو بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الموحدة وأخرجه من لطريق ذي مخبر أيضا وأصله عند أبي داود وفى حديث أبي هريرة عند مسلم ان بلالا هو الذي كلأ لهم الفجر وذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولهم استيقاظا كما في قصة أبى قتادة ولابن حبان في صحيحه من حديث ابن مسعود انه كلأ لهم الفجر وهذا أيضا يدل على تعدد القصة والله أعلم (قوله أسرينا) قال الجوهري تقول سريت وأسريت بمعنى إذا سرت ليلا وقال صاحب المحكم السرى سير عامة الليل وقيل سير الليل كله وهذا الحديث يخالف القول الثاني (قوله وقعنا وقعة) في رواية أبى قتادة عند المصنف ذكر سبب نزولهم في تلك الساعة وهو سؤال بعض القوم
(٣٧٩)