بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد أفضل الأنبياء والمرسلين وأشرف الملائكة أجمعين وأكرم الأولين والآخرين وعلى آله وأصحابه الكرام الطاهرين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين قال شيخ الاسلام المحقق الهمام الحافظ أبو الخير السخاوي في كتابه المسمى التبر المسبوك في ذيل السلوك في ترجمة الحافظ بن حجر مؤلف فتح الباري ما نص المراد منه أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن أحمد شيخي الأستاذ حافظ العصر علامة الدهر شيخ مشايخ الاسلام حامل لواء سنة سيد الأنام قاضى القضاة أوحد الحفاظ والرواة شهاب الدين أبو الفضل الكناني العسقلاني الأصل المصري الشافعي عرف بابن حجر ولد في شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بمصر ونشأ بها فحفظ القرآن والحاوي ومختصر ابن الحاجب وغيرها وسافر صحبة أحد أوصيائه إلى مكة المشرفة فسمع بها ثم حبب إليه الحديث فسمع الكثير بقراءته وقراءة غيره بالبلاد الشامية والمصرية والحجازية وأكثر جدا من السماع والشيوخ وأتقن علم الحديث عند العراقي وتفقه بالبلقيني وابن الملقن والأبناسي وغيرهم وأذنوا له بالتدريس والافتاء وأخذ الأصلين وغيرهما عن العز بن جماعة واللغة عن المجد الفيروز آباذي والعربية عن العماري والأدب والعروض عن البدر البشتنكي والكتابة عن جماعة وجد في الفنون حتى بلغ الغاية القصوى وقرأ بعض القرآن بالسبع على التنوخي وتصدى لنشر الحديث وعكف عليه مطالعة وقراءة وأقراء وتصنيفا وافتاء وباشر القضاء بالديار المصرية استقلالا مدة تزيد على إحدى وعشرين سنة بأشهر مخللها ولاية جماعة والتدريس بعدة أماكن في التفسير والحديث والفقه والوعظ وكذا خطب بجامعي عمرو رضى الله تعالى عنه والأزهر وغيرهما وأملى ما ينيف على ألف مجلس من حفظه وزادت تصانيفه على مائة وخمسين واشتهر ذكره وبعد صيته وارتحل الأئمة إليه وتبجح الفضلاء بالوفود عليه وكثرت طلبته حتى كان رؤس العلماء في كل مذهب وبكل قطر من تلامذته وقهرهم بذكائه وشفوف نظره وسرعة ادراكه ووفور أدبه وانتشرت جملة من تصانيفه في حياته وأقرأ الكثير منها وتهادتها الملوك وكتبها الأكابر ولو لم يكن له الا شرح البخاري لكان كافيا في علو مقداره ولو وقف عليه ابن خلدون القائل بأن شرح البخاري إلى الآن دين على هذه الأمة لقرت عينه بالوفاء والاستيفاء وحدث بأكثر مروياته كل ذلك مع تواضعه وحلمه واحتماله وصبره وبهائه وظرفه وصيامه وقيامه واحتياطه وورعه وميله إلى النكت اللطيفة والنوادر الظريفة ومزيد أدبه مع الأئمة المتقدمين والمتأخرين بل ومع كل من يجالسه من كبير وصغير ومحبته في أهل الفضل والتنويه بذكرهم وعدم اطراء نفسه وركونه إلى هضمها وبذله وكرمه وخصائله التي لم تجتمع لاحد من أهل عصره وقد شهد له القدماء بالحفظ والمعرفة التامة والذهن الوقاد والذكاء المفرط وسعة العلم في فنون شتى وشهد له شيخه الحافظ العراقي بأنه أعلم أصحابه بالحديث وقال كل من التقى الفاسي والبرهان الحلبي ما رأينا مثله وسأله الأمير تغرى برمش الفقيه أرأيت مثل نفسك فقال قال الله
(٢)