باللفظ فأشار إلى ذلك بقوله لولا أن أخطئ وفيه نظر والمعروف عن أنس جواز الرواية بالمعنى كما أخرجه الخطيب عنه صريحا وقد وجد في رواياته ذلك كالحديث في البسملة وفى قصة تكثير الماء عند الوضوء وفى قصة تكثير الطعام (قوله كذبا) هو نكرة في سياق الشرط فيعم جميع أنواع الكذب (قوله حدثنا المكي) هو اسم وليس بنسب كما تقدم وهو من كبار شيوخ البخاري سمع من سبعة عشر نفسا من التابعين منهم يزيد بن أبي عبيد المذكور هنا وهو مولى سلمة بن الأكوع صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث أول ثلاثي وقع في البخاري وليس فيه أعلى من الثلاثيات وقد أفردت فبلغت أكثر من عشرين حديثا (قوله من يقل) أصله يقول وانما جزم بالشرط (قوله ما لم أقل) أي شيئا لم أقله فحذف العائد وهو جائز وذكر القول لأنه الأكثر وحكم الفعل كذلك لاشتراكهما في علة الامتناع وقد دخل الفعل في عموم حديث الزبير وأنس السابقين لتعبيرهما بلفظ الكذب عليه ومثلهما حديث أبي هريرة الذي ذكره بعد حديث سلمة فلا فرق في ذلك بين أن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وفعل كذا إذا لم يكن قاله أو فعله وقد تمسك بظاهر هذا اللفظ من منع الرواية بالمعنى وأجاب المجيزون عنه بأن المراد النهى عن الاتيان بلفظ يوجب تغير الحكم مع (3) الاتيان باللفظ لا شك في أولويته والله أعلم (قوله حدثنا موسى) هو ابن إسماعيل التبوذكي (قوله عن أبي حصين) وهو بمهملتين مفتوح الأول وأبو صالح هو ذكوان السمان وقد ذكر المؤلف هذا الحديث بتمامه في كتاب الأدب من هذا الوجه ويأتي الكلام عليه فيه إن شاء الله تعالى وقد اقتصر مسلم في روايته له على الجملة الأخيرة وهى مقصود الباب وانما ساقه المؤلف بتمامه ولم يختصره كعادته لينبه على أن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم يستوى فيه اليقظة والمنام والله سبحانه وتعالى أعلم فان قيل الكذب معصية الا ما استثنى في الاصلاح وغيره والمعاصي قد توعد عليها بالنار فما الذي امتاز به الكاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوعيد على من كذب على غيره فالجواب عنه من وجهين أحدهما أن الكذب عليه يكفر متعمده عند بعض أهل العلم وهو الشيخ أبو محمد الجويني لكن ضعفه ابنه امام الحرمين ومن بعده ومال ابن المنير إلى اختياره ووجهه بأن الكاذب عليه في تحليل حرام مثلا لا ينفك عن استحلال ذلك الحرام أو الحمل على استحلاله واستحلال الحرام كفر والحمل على الكفر كفر وفيما قاله نظر لا يخفى والجمهور على أنه لا يكفر الا إذا اعتقد حل ذلك الجواب الثاني أن الكذب عليه كبيرة والكذب على غيره صغيرة فافترقا ولا يلزم من استواء الوعيد في حق من كذب عليه أو كذب على غيره أن يكون مقرهما واحدا أو طول إقامتهما سواء فقد دل قوله صلى الله عليه وسلم فليتبوأ على طول الإقامة فيها بل ظاهره أنه لا يخرج منها لأنه لم يجعل له منزلا غيره الا ان الأدلة القطعية قامت على أن خلود التأبيد مختص بالكافرين وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الكذب عليه وبين الكذب على غيره كما سيأتي في الجنائز في حديث المغيرة حيث يقول إن كذبا على ليس ككذب على أحد وسنذكر مباحثه هناك إن شاء الله تعالى ونذكر فيه الاختلاف في توبة من تعمد الكذب عليه هل تقبل أو لا * (تنبيه) * رتب المصنف أحاديث الباب ترتيبا حسنا لأنه بدأ بحديث على وفيه مقصود الباب وثنى بحديث الزبير الدال على توقى الصحابة وتحرزهم من الكذب عليه وثلث بحديث أنس الدال على أن امتناعهم انما كان من الاكثار
(١٨٠)