فالأول المتواتر وهو المفيد للعلم اليقيني بشروطه المقررة في الكتب الأصولية.
والثاني: - وهو أول أقسام الآحاد - هو المشهور، وقد يقال له المستفيض أيضا.
وقد يفرق بينهما بأن المستفيض ما يكون في ابتدائه وانتهائه سواء في عدد الرواة، والمشهور أعم من ذلك.
وقيل: يطلق المشهور على ما حرر هنا وعلى ما اشتهر في الألسنة، وإن كان له إسناد واحد أو لا إسناد له أصلا.
والثالث: هو العزيز.
والرابع: هو الغريب.
ثم إن المتسامع وهكذا المتظافر يشاركان المتواتر في باب إفادته العلم، و يفترقان عنه من بعض الوجوه، والكلام المفصل المشبع في كل ذلك إنما يطلب من كتبنا الأصولية.
فإذا عرفت هذا، فاعلم أن المتواتر والمتسامع والمتظافر ليست من مباحث علم الإسناد وعلم أصول الحديث؛ لأنها مما لا يبحث عن رجالها أصلا ومطلقا، بل إنها مما يجب العمل به من غير بحث ولا تأمل.
ثم لا يخفى عليك أني ما راعيت في مباحث هذا الفن حسن الترتيب، وما لاحظت في مسائل هذا العلم شدة الالتصاق بين السابق واللاحق، بل لم يتجل في نظري عند الكتابة إلا تحقيق الحال في كل مسألة من المسائل، وتبيين المقال في كل مبحث من المباحث كيف ما اتفق الوضع والترتيب، بمعنى أن وضع المباحث - وإن كان كالدرر المنثورة - لا ينجلي له عند الأنظار لا حسن ولا وجه لنكتة من النكات.
واعتذر عن ذلك بأن كتابة المباحث قد جرت على نمط ما وقع عليه التفكر و التدبر تقديما وتأخيرا، على أن النطس الندس من أصحاب الأذهان الثاقية والأفكار الصائبة يقدر على أن يخرج لذلك وجهة مقبولة ونكتة معقولة، فها أنا أشرع الآن فيما يكون بمنزلة الفهرست لمطالب هذا الفن.
ومباحث هذا العلم تذكر في ضمن فصول: