يصدرون كلامهم بمقالة أن فلانا وفلانا وفلانا من أصحاب الباقر (عليه السلام)، وأن الفلاني و الفلاني من أصحاب الصادق (عليه السلام) وهكذا، ونظائر ذلك غير عزيزة.
أما ترى أن العلماء قد سموا علم العقائد وأصول الدين بعلم الكلام؛ لأن الأوائل كانوا يصدرون مقالاتهم ومباحثهم بأن الكلام في كذا والكلام في كذا، وأنهم كانوا يبحثون كثيرا في مسألة كلام الله تعالى.
وكيف كان فإنه قد يستفاد من كلام جمع أن علمي الرجال والدراية يطلق عليهما علم أصول الحديث وهكذا علم الإسناد.
قد يعرف علم الإسناد في كلام بعضهم بأنه: علم يبحث فيه عن صحة الحديث أو ضعفه؛ ليعمل به أو يترك من حيث صفات الرجال وحال التحمل وصيغ الأداء. و المتراءى من ذلك - كخلط جمع من علماء العامة بين مسائل علمي الدراية والرجال - هو أنهما فن واحد، وأنت خبير بأن كلا منهما فن مستقل وعلم على حدة.
نعم يمكن أن يقال: إنه إذا لم يلاحظ في البين الأصول الكلية التامة الكافية والضوابط النافعة الشافية في علم الرجال، كما أن كتب المعظم - لو لم نقل كتب الكل - خالية عن الإشارة إليها، لا يستبعد حينئذ عد علم الرجال قسما من أقسام علم الإسناد وبابا من أبوابه.
وبالجملة: فإنا نخص علم الإسناد، وهكذا علم أصول الحديث، بعلم الدراية أو نقول: أن علم الإسناد وهكذا أصول الحديث وإن كانا أعم إطلاقا (1) بمعنى أن كل واحد منهما يطلق على كلا العلمين - أي علمي الرجال والدراية - إلا أنا نقول: إن كل واحد من علمي الرجال والدراية يغاير الآخر فيكون كل واحد منهما علما مستقلا وفنا على حدة.
فإذا عرفت هذا المقدمة فاعرف مقدمة أخرى، وبيانها: أن علم الدراية مثل علم الرجال في كون معرفته من الأمور اللازمة للمجتهد وكونه شرطا من شرائط الاجتهاد، فكما أن الاجتهاد يتوقف تحققه على معرفة علم الرجال فكذا يتوقف على معرفة الدراية، فوجد عدم إشارة جمع إلى لزوم معرفته ممن أشاروا إلى لزوم معرفة علم