أبى الله أن يبقي ملاذا لغافل * كذاك الذي لله يفعل قد أبى ألفت هذه الرسالة وسميتها (السراج الوهاج لدفع عجاج قاطعة اللجاج).
ثم إنه قدم مقدمة ذكر فيها فوائد خمس:
الأولى: في حرمة كتمان العلم والفقه، فذكر الآيات والأخبار الواردة في ذلك.
الثانية: في ما ورد في ذم اتباع السلطان من العلماء ونحو ذلك.
الثالثة: في مدح من أعان طالب العلم وذم من آذاه.
الرابعة: في مدح العالم وذم التارك للعمل.
الخامسة: في الحيل الشرعية.
ثم شرع في الردود فكان مما قاله ردا على المحقق الكركي: لم يرض هذا المعتذر أن ارتكب ما ارتكبه إلا بأن ينسب مثل فعله إلى الأنقياء، وليث شعري أي تقي ارتكب ما ارتكبه من أخذ قرية يتسلط فيها بالسلطان، فإن كان وهمه يذهب إلى مثل العلامة فهذا من الذي يجب عنه الاستغفار ويطهر الفم بتكراره بعد المضمضة، فإن الذي كان له من القرى حفر أنهارها بنفسه وأحياها بحاله، لم يكن لأحد فيها من الناس تعلق أبدا، وهذا مشهور بين الناس.
ويزيده بيانا أنه وقف أكثر قراه في حياته وقفا مؤيدا، ورأيت خطه عليه، وخط الفقهاء المعاصرين له من الشيعة والسنة، ومنه إلى الآن في يد من ينسب إليه يقبضه بسبب الوقف الصحيح، وفي صور سجل الوقف أنه أحياها وكانت مواتا.
والوقف الذي عليه خطه وخط الفقهاء موجود إلى الآن، ومع ذلك فالظن بمثله لما علم من تقواه وتورعه يجب أن يكن حسنا، ولو لم يكن من تقواه إلا أن أهل زمانه فيه بين معتقد فيه مالا يذكر، وآخر يعتقد فيه الأمر المنكر، ويبالغون في نقضه، ويعملون بنقل الميت دون قوله، كما صرح به هو عن نفسه، وهو في أعلى مراتب القدرة عليهم، ولم يتعرض لغير الاشتغال باكتساب الفضائل العلمية