وغيرهما من المتقدمين والمتأخرين قال أبو إسحاق الزجاج وفى تفسير قول الله تعالى (أربعة أشهر وعشرا) إجماع أهل اللغة سرنا خمسا بين يوم وليلة وأنشد الجعدي * فطفت ثلاثا بين يوم وليلة * ومما جاء مثله في القرآن العظيم قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) مذهبنا ومذهب الجمهور ان المراد عشرة أيام بلياليها ولا تنقضي العدة حتى تغرب الشمس من اليوم العاشر وتدخل الليلة الحادية عشر ومثله قوله سبحانه وتعالي (يتخافتون بينهم ان لبثتم إلا عشرا) أي عشرة أيام بدليل قوله تعالى (إذ يقول أمثلهم طريقه إن لبثتم الا يوما) قال أهل اللغة في تعليل هذا الباب وإنما كان كذلك لتغليب الليالي على الأيام وذلك لان أول الشهر الليل فلما كانت الليالي هي الأوائل غلبت لان الأوائل أقوى ومن هذا قول العرب خرجنا ليالي الفتنة وخفنا ليالي امارة الحجاج والمراد الأيام بلياليها والله أعلم * (أما) حكم المسألة فقال أصحابنا يستحب صوم ستة أيام من شوال لهذا الحديث قالوا ويستحب ان يصومها متتابعة في أول شوال فان فرقها أو أخرها عن أول شوال جاز وكان فاعلا لأصل هذه السنة لعموم الحديث واطلاقه وهذا لا خلاف فيه عندنا وبه قال أحمد وداود * وقال مالك وأبو حنيفة يكره صومها قال مالك في الموطأ وصوم ستة أيام من شوال لم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغه ذلك عن أحد من السلف وان أهل العلم كانوا يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان أهل الجفاء والجهالة ما ليس منه لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم ورأوهم يعملون ذلك هذا كلام مالك في الموطأ * ودليلنا الحديث الصحيح السابق ولا معارض له (وأما) قول مالك لم أر أحدا يصومها فليس بحجة في الكراهة لان السنة ثبتت في ذلك بلا معارض فكونه لم ير لا يضر وقولهم لأنه قد يخفى ذلك فيعتقد وجوبه ضعيف لأنه لا يخفى ذلك على أحد ويلزم على قوله إنه يكره صوم عرفة وعاشوراء وسائر الصوم المندوب إليه وهذا لا يقوله أحد * قال المصنف رحمه الله * {ويستحب لغير الحاج ان يصوم يوم عرفة لما روى أبو قتادة قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوم عاشوراء كفارة سنة وصوم يوم عرفة كفارة سنتين سنة قبلها ماضية وسنة بعدها مستقبلة " ولا يستحب ذلك للحاج لما روت أم الفضل بنت الحارث " ان أناسا اختلفوا عندها في يوم عرفة في رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح من لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشرب " ولان الدعاء في هذا اليوم يعظم ثوابه والصوم يضعفه فكان الفطر أفضل} * {الشرح} حديث أبي قتادة رواه مسلم بمعناه قال " عن أبي قتادة ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال يكفر السنة الماضية والسنة الباقية " وحديث أم الفضل رواه البخاري ومسلم من رواية أم الفضل ورويا أيضا مثله من رواية أختها ميمونة أم المؤمنين واسم أم
(٣٧٩)