يوم إلى الليل للصائم ولغيره من غير حاجة لحديث علي رضي الله عنه قال " حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى الليل " رواه أبو داود باسناد حسن وعن قيس بن أبي حازم قال " دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم فقال مالها لا تتكلم فقالوا حجت مصمتة فقال لها تكلمي فان هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية فتكلمت " رواه البخاري في صحيحه (قوله) امرأة من أحمس هو بالحاء والسين المهملتين وهي قبيلة معروفة والنسبة إليهم أحمسي قال الخطابي في معالم السنن في تفسير الحديث الأول كان أهل الجاهلية من نسكهم الصمات وكان أحدهم يعتكف اليوم والليلة فيصمت لا ينطق فنهوا يعني في الاسلام عن ذلك وأمروا بالذكر والحديث بالخير هذا كلام الخطابي وهذا الذي ذكرناه هو المعروف لأصحابنا ولغيرهم ان الصمت إلى الليل مكروه وقال صاحب التتمة في هذا الباب جرت عادة بعض الناس بترك الكلام في رمضان جملة وليس له أصل في الشرع لان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يلازم أحد منهم الصمت في رمضان لكن له أصل في شرع من قبلنا وهو قصة زكريا عليه السلام (إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم انسيا) أراد بالصوم الصمت فمن قال من أصحابنا شرع من قبلنا يلزمنا عند عدم النهى جعل ذلك قربة ومن قال شرع من قبلنا لا يلزمنا قال لا يستحب ذلك هذا كلام صاحب التتمة وهو كلام بناه على أن شرعنا لم يرد فيه نهى وقد ورد النهي كما قدمناه فهو الصواب (الخامسة) قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى الجود والافضال يستحب في كل وقت وهو في رمضان آكد ويسن زيادة الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان ودليل المسألتين الأحاديث الصحيحة (منها) حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة " رواه البخاري وسلم قال العلماء (قوله) كالريح المرسلة أي في الاسراع والعموم وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان إذا دخل العشر الأواخر أحيى الليل وأيقظ أهله وشد المئزر " رواه البخاري ومسلم وفى رواية لمسلم " كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد
(٣٧٦)