وقال الحاكم هو حديث صحيح على شرط مسلم وأنكر البيهقي ذلك وقال روى مرفوعا وموقوفا الموقوف أصح هكذا قال في كتابه معرفة السنن والآثار ورواه في السنن الكبير من طريقين ثم قال ولا يثبت رفع هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمشهور انه من قول ابن عمر واقتصر الشافعي في الأم على روايته موقوفا باسناده الصحيح عن ابن عمر والصواب انه موقوف كما قاله البيهقي وأما تصحيح الترمذي والحاكم فغير مقبول لان مداره على محمد بن إسحاق وهما إنما روياه من روايته وهو مدلس معروف بذلك عند أهل الحديث وقد قال في روايته عن نافع بلفظ عن وقد أجمع العلماء من المحدثين والفقهاء والأصوليين أن المدلس إذا قال عن لا يحتج بروايته والحكم متساهل في التصحيح معروف عند العلماء بذلك والترمذي ذهل عن ذلك وإنما بسطت الكلام في هذا الحديث لئلا يغتر بتصحيحهما ولم يذكر الحافظ ابن عساكر في الأطراف أن الترمذي صححه ولكن تصحيحه موجود في نسخ الترمذي ولعل النسخ اختلفت في هذا الحديث كما نختلف في غيره في كتاب الترمذي غالبا (وقوله) يتخطى غير مهموز والفرجة بضم الفاء وفتحها لغتان مشهورتان سبق بيانهما ويقال أيضا فرج ومنه قوله تعالي (ومالها من فروج) جمع فرج وهو الخلو بين شيئين وقوله نعس بفتح العين - ينعس - بضمها * اما أحكام الفصل ففيه مسائل (إحداها يستحب) الدنو من الامام بالاجماع لتحصيل فضيلة التقدم في الصفوف واستماع الخطبة محققا: الثانية ينهي الداخل إلى المسجد يوم الجمعة وغيره عن تخطى رقاب الناس من غير ضرورة وظاهر كلام المصنف وغيره انه مكروه كراهة تنزيه لا حرام فإن كان إماما ولم يجد طريقا إلى المنبر والمحراب إلا بالتخطي لم يكره لأنه ضرورة نص عليه الشافعي كما ذكره المصنف واتفق عليه الأصحاب وإن كان غير إمام ورأي فرجة قدامهم لا يصلها إلا بالتخطي قال الأصحاب لم يكره التخطي لان الجالسين وراءها مفرطين بتركها وسواء وجد غيرها أم لا وسواء كانت قريبة أم بعيدة لكن يستحب إن كان له موضع غيرها أن لا يتخطى وإن لم يكن موضع وكانت قريبة بحيث لا يتخطى أكثر من رجلين ونحوهما دخلها وإن كانت بعيدة ورجا انهم يتقدمون إليها إذا أقيمت الصلاة يستحب أن يقعد موضعه ولا يتخطى وإلا فليتخط * (فرع) في مذاهب العلماء في التخطي * قد ذكرنا أن مذهبنا انه مكروه إلا أن يكون قدامهم فرجة لا يصلها إلا بالتخطي فلا يكره حينئذ وبهذا قال الأوزاعي وآخرون وحكي ابن المنذر كراهته مطلقا عن سلمان الفارسي وأبي هريرة وسعيد بن المسيب وعطاء وأحمد بن حنبل وعن مالك كراهته
(٥٤٦)